لم قِيلَ لَك ابْن رَاهَوَيْه وَمَا معنى هَذَا وَهل تكره أَن يُقَال لَك هَذَا فَقلت إِن أَبِي ولد بطرِيق مَكَّة وَقَالَت المراوزة رَاهَوَيْه بِأَنَّهُ ولد فِي الطَّرِيق وَكَانَ أَبِي يكره هَذَا وَأما أَنا فلست أكرهه
قَالَ نعيم بْن حَمَّاد إِذا رَأَيْت الْخُرَاسَانِي يتَكَلَّم فِي إِسْحَاق بْن رَاهَوَيْه فاتهمه فِي دينه
قلت إِنَّمَا قيد الْكَلَام بالخراساني لِأَن أهل إقليم الْمَرْء هم الَّذين بِحَيْثُ لَو كَانَ فِيهِ كَلَام لتكلموا فِيهِ فَكَأَنَّهُ يَقُول من تكلم فِيهِ من أهل إقليمه فَهُوَ مُتَّهم بِالْكَذِبِ لِأَنَّهُ لَا يتَكَلَّم بِحَق لبراءته مِمَّا يشينه فِي دينه
وَقَالَ أَحْمَد بْن حَنْبَل لم يعبر الجسر إِلَى خُرَاسَان مثل إِسْحَاق
وَقَالَ ابْن عدي ركب إِسْحَاق بْن رَاهَوَيْه دين فَخرج من مرو وَجَاء نَيْسَابُورَ فَكلم أَصْحَاب الحَدِيث يَحْيَى بْن يحيى فِي أَمر إِسْحَاق فَقَالَ مَا تُرِيدُونَ قَالُوا تكْتب إِلَى عَبْد اللَّه بْن طَاهِر رقْعَة وَكَانَ عَبْد اللَّه أَمِير خُرَاسَان وَكَانَ بِنَيْسَابُورَ فَقَالَ يَحْيَى مَا كتبت إِلَيْهِ قطّ فألحوا عَلَيْهِ فَكتب فِي رقْعَة إِلَى عَبْد اللَّه بْن طَاهِر أَبُو يَعْقُوب إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم رجل من أهل الْعلم وَالصَّلَاح فَحمل إِسْحَاق الرقعة إِلَى عَبْد اللَّه بْن طَاهِر فَلَمَّا جَاءَ إِلَى الْبَاب قَالَ للحاجب معي رقْعَة يَحْيَى بْن يَحْيَى إِلَى الْأَمِير فَدخل الْحَاجِب فَقَالَ لَهُ رجل بِالْبَابِ زعم أَن مَعَه رقْعَة يَحْيَى بْن يَحْيَى إِلَى الْأَمِير فَقَالَ يَحْيَى بْن يَحْيَى قَالَ نعم قَالَ أدخلهُ فَدخل إِسْحَاق وناوله الرقعة فَأَخذهَا عَبْد اللَّه وَقبلهَا وأقعد إِسْحَاق بجنبه وَقضى دينه ثَلَاثِينَ ألف دِرْهَم وصيره من ندمائه
قلت انْظُر مَا كَانَ أعظم أهل الْعلم عِنْد الْأُمَرَاء وَانْظُر مَا أدنى هَذِهِ الْكَلِمَة وأقصر هَذِهِ الرقعة وَمَا ترَتّب عَلَيْهَا من الْخَيْر وَمَا ذَلِك إِلَّا لحسن اعْتِقَاد ذَلِك الْأَمِير وصيانة أهل الْعلم أَيْضًا وَالنَّاس بزمانهم أشبه مِنْهُم بآبائهم
وَقَالَ مُحَمَّد بْن أسلم الطوسي حِين مَاتَ إِسْحَاق مَا أعلم أحدا كَانَ أخْشَى لله من إِسْحَاق يَقُول اللَّه {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ من عباده الْعلمَاء} وَكَانَ أعلم النَّاس