فَسكت الشَّافِعِي فَلَمَّا سمع ذَلِك أَحْمَد بْن حَنْبَل ذهب إِلَى حَدِيث ابْن عكيم وَأفْتى بِهِ وَرجع إِسْحَاق إِلَى حَدِيث الشَّافِعِي فَأفْتى بِحَدِيث مَيْمُونَة
قلت وَهَذِه المناظرة حَكَاهَا الْبَيْهَقِيّ وَغَيره وَقد يظنّ قَاصِر الْفَهم أَن الشَّافِعِي انْقَطع فِيهَا مَعَ إِسْحَاق وَلَيْسَ الْأَمر كَذَلِك ويكفيه مَعَ قُصُور فهمه أَن يتَأَمَّل رُجُوع إِسْحَاق إِلَى قَول الشَّافِعِي فَلَو كَانَت حجَّته قد نهضت عَلَى الشَّافِعِي لما رَجَعَ إِلَيْهِ
ثمَّ تَحْقِيق هَذَا أَن اعْتِرَاض إِسْحَاق فَاسد الْوَضع لَا يُقَابل بِغَيْر السُّكُوت بَيَانه أَن كتاب عَبْد اللَّه بْن عكيم كتاب عَارضه سَماع وَلم يتَيَقَّن أَنه مَسْبُوق بِالسَّمَاعِ وَإِنَّمَا ظن ذَلِك ظنا لقرب التَّارِيخ وَمُجَرَّد هَذَا لَا ينْهض بالنسخ أما كتب رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى كسْرَى وَقَيْصَر فَلم يعارضها شئ بل عضدتها الْقَرَائِن وساعدها التَّوَاتُر الدَّال عَلَى أَن هَذَا النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَ بالدعوة إِلَى مَا فِي هَذَا الْكتاب فلاح بِهَذَا أَن السُّكُوت من الشَّافِعِي تسجيل عَلَى إِسْحَاق بِأَن اعتراضه فَاسد الْوَضع فَلم يسْتَحق عِنْده جَوَابا وَهَذَا شَأْن الْخَارِج عَن المبحث عِنْد الجدليين فَإِنَّهُ لَا يُقَابل بِغَيْر السُّكُوت وَرب سكُوت أبلغ من نطق وَمن ثمَّ رَجَعَ إِلَيْهِ إِسْحَاق وَلَو كَانَ السُّكُوت لقِيَام الْحجَّة لأكد ذَلِك مَا عِنْد إِسْحَاق فَافْهَم مَا يلقى إِلَيْك
مسَائِل غَرِيبَة عَن إِسْحَاق رَحمَه اللَّه تَعَالَى
الصَّحِيح عِنْد أَصْحَابنَا أَن صَلَاة الْكَافِر لَا تصيره مُسلما سَوَاء كَانَ فِي دَار الْحَرْب أم فِي دَار الْإِسْلَام
وَحُكِيَ قَول فِي الْحَرْبِيّ يُصَلِّي فِي دَار الْحَرْب وَالْمَسْأَلَة مبسوطة فِي الْمَذْهَب مُطلقَة غير مُقَيّدَة بِصَلَاة وَاحِدَة أَو بصلوات كَثِيرَة
وَنقل ابْن عَبْد الْبر أَن إِسْحَاق بْن رَاهَوَيْه قَالَ إِن الْعلمَاء أَجمعُوا فِي الصَّلَاة عَلَى مَا لم يجمعوا عَلَيْهِ فِي سَائِر الشَّرَائِع فَقَالُوا من عرف بالْكفْر وَكَانَ لَا يصلى ثمَّ رأؤه يصلى