من بَين الشفتين قديم ومقالة الْحُسَيْن هَذِه قد نقل مثلهَا عَن البخارى والْحَارث بن أَسد المحاسبى وَمُحَمّد بن نصر المروزى وَغَيرهم وستكون لنا عودة فى تَرْجَمَة البخارى إِلَى الْكَلَام فى ذَلِك
وَنقل أَن أَحْمد لما قَالَ هَذِه بِدعَة رَجَعَ السَّائِل إِلَى الْحُسَيْن فَقَالَ لَهُ تلفظك بِالْقُرْآنِ غير مَخْلُوق فَعَاد إِلَى أَحْمد فَعرفهُ مقَالَة الْحُسَيْن ثَانِيًا فَأنْكر أَحْمد أَيْضا ذَلِك وَقَالَ هَذِه أَيْضا بِدعَة
وَهَذَا يدلك على مَا نقُوله من أَن أَحْمد إِنَّمَا أَشَارَ بقوله هَذِه بِدعَة إِلَى الْكَلَام فى أصل الْمَسْأَلَة وَإِلَّا فَكيف يُنكر إِثْبَات الشئ ونفيه فَافْهَم مَا قُلْنَاهُ فَهُوَ الْحق إِن شَاءَ الله تَعَالَى
وَبِمَا قَالَ أَحْمد نقُول فَنَقُول الصَّوَاب عدم الْكَلَام فى الْمَسْأَلَة رَأْسا مَا لم تدع إِلَى الْكَلَام حَاجَة ماسة وَمِمَّا يدلك أَيْضا على مَا نقُوله وَأَن السّلف لَا يُنكرُونَ أَن لفظنا حَادث وَأَن سكوتهم إِنَّمَا هُوَ عَن الْكَلَام فى ذَلِك لَا عَن اعْتِقَاده أَن الروَاة رووا أَن الْحُسَيْن بلغه كَلَام أَحْمد فِيهِ فَقَالَ لأقولن مقَالَة حَتَّى يَقُول أَحْمد بِخِلَافِهَا فيكفر فَقَالَ لفظى بِالْقُرْآنِ مَخْلُوق
وَهَذِه الْحِكَايَة قد ذكرهَا كثير من الْحَنَابِلَة وَذكرهَا شَيخنَا الذهبى فى تَرْجَمَة الإِمَام أَحْمد وفى تَرْجَمَة الكرابيسى فَانْظُر إِلَى قَول الكرابيسى فِيهَا إِن مخالفها يكفر وَالْإِمَام أَحْمد فِيمَا نعتقده لم يُخَالِفهَا وَإِنَّمَا أنكر أَن يتَكَلَّم فى ذَلِك
فَإِذا تَأَمَّلت مَا سطرناه وَنظرت قَول شَيخنَا فى غير مَوضِع من تَارِيخه إِن مَسْأَلَة اللَّفْظ مِمَّا يرجع إِلَى قَول جهم عرفت أَن الرجل لَا يدرى فى هَذِه المضايق مَا يَقُول وَقد أَكثر هُوَ وَأَصْحَابه من ذكر جهم بن صَفْوَان وَلَيْسَ قصدهم إِلَّا جعل الأشاعرة الَّذين قدر الله لقدرهم أَن يكون مَرْفُوعا وللزومهم للسّنة أَن يكون مَجْزُومًا بِهِ ومقطوعا فرقة جهمية