قَالَ ابْن الرّفْعَة وَلَعَلَّ الجيلى اعْتقد أَبَا عبيد من أَصْحَابنَا فاقتصر على حِكَايَة مذْهبه
قلت هَذَا كَلَام عَجِيب أَبُو عبيد لَا ريب فى أَنه من أَصْحَابنَا وَلَكِن ذَلِك لَا يسوغ حِكَايَة قَوْله مذهبا لنا مَعَ تَصْرِيح الْمَذْهَب بِخِلَافِهِ
قَالَ أَبُو عبيد فى قَول الشَّاعِر
(فَإِن أدع اللواتى من أنَاس ... أضاعوهن لَا أدع الذينا)
الذى هُنَا لَا صلَة لَهَا وَالْمعْنَى إِن أدع ذكر النِّسَاء لَا أدع ذكر الرِّجَال
قلت هَذَا الْبَيْت للكميت وَهُوَ شَاهد ذكر الْمَوْصُول بِغَيْر صلَة لقَرِينَة
قَالَ أَبُو عبيد فى معنى قَول الشماخ
(وَمَاء قد وَردت لوصل أروى ... عَلَيْهِ الطير كالورق اللجين)
(ذعرت بِهِ القطا ونفيت عَنهُ ... مقَام الذِّئْب كَالرّجلِ اللعين)
إِن فيهمَا تَقْدِيمًا وتأخيرا وَالتَّقْدِير فى الأول وَمَاء كالورق اللجين عَلَيْهِ الطير واللجين الذى قد ضرب حَتَّى تلجن وَالتَّقْدِير فى الثانى مقَام الذِّئْب اللعين كَالرّجلِ انْتهى
ذكره فى كِتَابه فى معانى الشّعْر
قلت فَجعل ورقه كالورق صفة لماء فَيكون قد فصل بَين الْمَوْصُوف وَالصّفة بمتعلق رب المحذوفة وَهُوَ قَوْله وَردت وَعَلِيهِ الطير جملَة وهى صفة ثَانِيَة مؤخرة عَن الصّفة الْوَاقِعَة ظرفا وَهَكَذَا أصل الْكَلَام
وَيجوز أَن يكون المَاء مَوْصُوفا بِثَلَاث صِفَات هَاتين الصفتين وَقَوله قد وَردت وَيكون مُتَعَلق رب إِنَّمَا هُوَ قَوْله ذعرت بِهِ القطا وَلَا يَأْبَى هَذَا الْوَجْه قَول أَبى عبيد وَيكون إِنَّمَا قدر قَوْله كالورق مقدما ليعلمك أَنه من صلَة مَاء لِأَن مَا قبله غير صفة
وَقَوله حَتَّى تلجن أى حَتَّى تلزج وَمِنْه قَوْلهم لجنت الخطمى وَنَحْوه إِذا ضَربته ليثخن وتلجن رَأسه إِذا لم ينق وسخه