وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس السراج شهِدت أَبَا عبد الله البخارى وَدفع إِلَيْهِ كتاب من مُحَمَّد بن كرام سَأَلَهُ عَن أَحَادِيث مِنْهَا الزهرى عَن سَالم عَن أَبِيه رَفعه الْإِيمَان لَا يزِيد وَلَا ينقص فَكتب على ظهر كِتَابه من حدث بِهَذَا اسْتوْجبَ الضَّرْب الشَّديد وَالْحَبْس الطَّوِيل
قلت وَصَاحب سجستان هُوَ الذى نَفَاهُ وَلم يكن قصد الساعين عَلَيْهِ إِلَّا إِرَاقَة دَمه وَإِنَّمَا صَاحب سجستان هاب قَتله لما رأى عَلَيْهِ من مخايل الْعِبَادَة والتقشف وَلَقَد افْتتن بِهِ خلق كثير وَهُوَ عندنَا فى مَكَان الْمَشِيئَة لله أَن يغْفر لَهُ وَأَن يؤاخذه فَإِنَّهُ مُبْتَدع لَا محَالة
وَاعْلَم أَن كراما على مَا هُوَ الْمَشْهُور بتَشْديد الرَّاء ورأيتها كَذَلِك مضبوطة بِخَط شَيخنَا الذهبى وَكنت أسمع الشَّيْخ الإِمَام الْوَالِد رَحمَه الله يحْكى أَن الشَّيْخ صدر الدّين ابْن المرحل قَرَأَ مرّة بِحَضْرَة السُّلْطَان الْملك النَّاصِر جُزْءا وَفِيه ذكر مُحَمَّد بن كرام فَقَالَ كرام وخفف لَهُ الرَّاء فَرد عَلَيْهِ بعض الْحَاضِرين فَقَالَ لَا إِنَّمَا هُوَ بِالتَّخْفِيفِ فقد قَالَ الشَّاعِر
(الرأى رأى أَبى حنيفَة وَحده ... وَالدّين دين مُحَمَّد بن كرام)
قَالَ الْوَالِد فَظن الْحَاضِرُونَ أَن الشَّيْخ صدر الدّين وضع هَذَا الْبَيْت على البديهة وَأَنه لَا أصل لَهُ هَذَا مَا كَانَ يحكيه لنا الْوَالِد ثمَّ رَأَيْت أَنا بِخَط الشَّيْخ تقى الدّين ابْن الصّلاح فى مجاميعه أَن مُحَمَّد بن كرام بِالتَّخْفِيفِ وَأَن أَبَا الْفَتْح البستى أنْشد
(إِن الَّذين نجلهم لم يتقدوا ... بِمُحَمد بن كرام غير كرام)
(الرأى رأى أَبى حنيفَة وَحده ... وَالدّين دين مُحَمَّد بن كرام)
فَأريت ذَلِك للوالد فأعجبه وسر بِهِ سُرُورًا كثيرا ثمَّ رَأَيْت هذَيْن الْبَيْتَيْنِ بعينهما منسوبين إِلَى قائلهما البستى فى كتاب اليمينى فى سيرة السُّلْطَان يَمِين الدولة مَحْمُود بن سبكتكين