الْمُسلمُونَ ينهزمون وَعمر رضى الله عَنهُ بِالْمَدِينَةِ فَصَعدَ الْمِنْبَر وخطب ثمَّ اسْتَغَاثَ فى أثْنَاء خطبَته بأعلا صَوته يَا سَارِيَة الْجَبَل يَا سَارِيَة الْجَبَل من استرعى الذِّئْب الْغنم فقد ظلم فَأَسْمع الله عز وَجل سَارِيَة وجيوشه أَجْمَعِينَ وهم على بَاب نهاوند صَوت عمر فلجأوا إِلَى الْجَبَل وَقَالُوا هَذَا صَوت أَمِير الْمُؤمنِينَ فنجوا وانتصروا
هَذَا ملخصها وَسمعت الشَّيْخ الإِمَام الْوَالِد رَحمَه الله يزِيد فِيهَا أَن عليا رضى الله عَنهُ كَانَ حَاضرا فَقيل لَهُ مَا هَذَا الذى يَقُوله أَمِير الْمُؤمنِينَ وَأَيْنَ سَارِيَة منا الْآن فَقَالَ كرم الله وَجهه دَعوه فَمَا دخل فى أَمر إِلَّا وَخرج مِنْهُ ثمَّ تبين الْحَال بِالآخِرَة
قلت عمر رضى الله عَنهُ لم يقْصد إِظْهَار هَذِه الْكَرَامَة وَإِنَّمَا كشف لَهُ وَرَأى الْقَوْم عيَانًا وَكَانَ كمن هُوَ بَين أظهرهم أَو طويت الأَرْض وَصَارَ بَين أظهرهم حَقِيقَة وَغَابَ عَن مَجْلِسه بِالْمَدِينَةِ واشتغلت حواسه بِمَا دهم الْمُسلمين بنهاوند فخاطب أَمِيرهمْ خطاب من هُوَ مَعَه إِذْ هُوَ حَقِيقَة أَو كمن هُوَ مَعَه
وَاعْلَم أَن مَا يجربه الله على لِسَان أوليائه من هَذِه الْأُمُور يحْتَمل أَن يعرفوا بهَا وَيحْتَمل أَن لَا يعرفوا بهَا وهى كَرَامَة على كلا الْحَالين
وَمِنْهَا قصَّة الزلزلة
قَالَ إِمَام الْحَرَمَيْنِ رَحمَه الله فى كتاب الشَّامِل إِن الأَرْض زلزلت فى زمن عمر رضى الله عَنهُ فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ وَالْأَرْض ترجف وترتج ثمَّ ضربهَا بِالدرةِ وَقَالَ أقرى ألم أعدل عَلَيْك فاستقرت من وَقتهَا
قلت كَانَ عمر رضى الله عَنهُ أَمِير الْمُؤمنِينَ على الْحَقِيقَة فى الظَّاهِر وَالْبَاطِن وَخَلِيفَة الله فى أرضه وفى ساكنى أرضه فَهُوَ يُعَزّر الأَرْض ويؤدبها بِمَا يصدر مِنْهَا كَمَا يُعَزّر ساكنيها على خطيئاتهم
فَإِن قلت أيجب على الأَرْض تَعْزِير وهى غير مكلفة
قلت هَذَا الْآن جهل وقصور على ظواهر الْفِقْه اعْلَم أَن أَمر الله وقضاءه متصرف فى