قَالَ الرافعى أَشَارَ بِهِ إِلَى كَثْرَة النَّوَافِل
قَالَ النووى بل الظَّاهِر أَنه أَشَارَ إِلَى أَن هَذَا الْقدر مِمَّا تعم بِهِ الْبلوى ويتعذر أَو يشق الِاحْتِرَاز مِنْهُ فعفى عَنهُ مُطلقًا وَإِنَّمَا كَانَ لَا يصلى فِيهِ الْفَرِيضَة احْتِيَاطًا لَهَا وَإِلَّا فَمُقْتَضى قَوْله الْعَفو فيهمَا وَلَا فرق بَين الْفَرْض وَالنَّفْل فى اجْتِنَاب النَّجَاسَة وَيدل على صِحَة مَا تأولته أَن الْقفال قَالَ سَأَلت أَبَا زيد عَن جَوَاز الصَّلَاة فى الْخُف يخرز بِشعر الْخِنْزِير فَقَالَ الْأَمر إِذا ضَاقَ اتَّسع
قَالَ الْقفال مُرَاده أَن بِالنَّاسِ حَاجَة إِلَى الخرز بِهِ فللضرورة جَوَّزنَا ذَلِك
قلت لم يَتَّضِح لى مُخَالفَة كَلَام النووى للرافعى بل قَول الرافعى إِن أَبَا زيد أَشَارَ بِهِ إِلَى كَثْرَة النَّوَافِل مَعْنَاهُ مَا ذكره النووى من أَن كثرتها اقْتَضَت أَلا يحْتَاط لَهَا كَمَا يحْتَاط للفريضة من أجل الْمَشَقَّة
وَذكر ابْن الرّفْعَة فى بَاب مسح الْخُف أَن أَبَا زيد فى كَلَامه هَذَا مُتبع للشافعى
قَالَ فَإِن الخطابى حَكَاهُ عَنهُ عِنْد الْكَلَام فى الذُّبَاب يَقع فى المَاء الْقَلِيل أَن مبْنى الشَّرِيعَة على أَن الْأَمر إِذا ضَاقَ اتَّسع
قَالَ ابْن الرّفْعَة على أَنه يُمكن أَن يُعلل ذَلِك بِأَن الدَّاخِل من مَوَاضِع الخرز قد انسد بالخيط فَصَارَ فى حكم الْبُطُون والنجاسة فى الْبَاطِن لَا تمنع الصِّحَّة بِدَلِيل أَن ظَاهر نَص الشافعى صِحَة الصَّلَاة فى جلد الْميتَة المدبوغ وَإِن قُلْنَا الدّباغ لَا يطهر بَاطِنه وَنَصه على أَنه لَو سقى سَيْفه شَيْئا نجسا طهر بإفاضة المَاء على ظَاهره ولأجله وَالله أعلم قَالَ بعض أَصْحَابنَا إِذا حمل قَارُورَة فِيهَا نَجَاسَة بعد تصميم رَأسهَا فى صلَاته تصح انْتهى
قلت وَحَاصِله محاولة أَنه مَعْفُو عَنهُ وَأَنه صَار بَاطِنا لَا يعْطى حكم النَّجَاسَة
وَقد يُقَال لَو كَانَ كَذَلِك لصلى فِيهِ الْفَرْض وَالنَّفْل جَمِيعًا
وَيُجَاب بِأَن القَوْل بِأَنَّهُ لَا تمْتَنع الصِّحَّة لَيْسَ قَطْعِيا بل هُوَ مظنون فاحتيط فِيهِ للْفَرض مَا لم يحتط للنفل