حج ابْن الْحداد وَمرض فَلَمَّا وصل إِلَى الْجب توفى عِنْد الْبِئْر والجميزة يَوْم الثُّلَاثَاء لأَرْبَع بَقينَ من الْمحرم سنة خمس وَأَرْبَعين وثلاثمائة وَقيل سنة أَربع وَأَرْبَعين وثلاثمائة وَهُوَ يَوْم دُخُول الْحَاج إِلَى مصر وعاش تسعا وَسبعين سنة وشهورا ثَمَانِينَ سنة إِلَّا قَلِيلا وَصلى عَلَيْهِ يَوْم الْأَرْبَعَاء وَدفن بسفح المقطم عِنْد قبر والدته وَحضر أَبُو الْقَاسِم الإخشيد وَأَبُو الْمسك كافور والأعيان جنَازَته
وَمن الْفَوَائِد وَالْملح والمسائل عَن أَبى بكر
كَادَت الْمُلَاعنَة بَين زَوْجَيْنِ تقع فى زَمَانه وَذَلِكَ أَنه تقدم إِلَيْهِ رجل أنماطى فَجحد بِنْتا من مولاة لَهُ كَانَ قد أعْتقهَا وَتَزَوجهَا فشرع أَبُو بكر فى اللّعان وتهيا لَهُ وعزم على المضى إِلَى الْجَامِع الْعَتِيق بِمصْر بعد الْعَصْر وَأَن يجلس على الْمِنْبَر وَيُقِيم الرجل وَالْمَرْأَة
وَعين وَاحِدًا من جُلَسَائِهِ لِأَن يضْرب على فَم الرجل بعد فَرَاغه من الشَّهَادَة الرَّابِعَة ويخوفه من قَول الْخَامِسَة وَيَقُول إِنَّهَا مُوجبَة
وَعين امْرَأَة تضرب على فَم الْمَرْأَة أَيْضا عِنْد فراغها من الشَّهَادَة الرَّابِعَة وَتقول لَهَا مثل مَا قيل للرجل
وتبادر النَّاس وازدحموا على الِاجْتِمَاع وَحَضَرت الشُّهُود فحسده أَبُو الذّكر المالكى الذى كَانَ حَاكما بِمصْر قبله على شرف هَذَا الْمجْلس وترفق بِالرجلِ حَتَّى اعْترف بالبنت وَسَأَلَ الزَّوْجَة إعفاءه من الْحَد
فَمَا علم أَبُو بكر بِفِعْلِهِ وَأَبُو بكر من أذكى الْخلق قريحة أَمر بِأَن تحمل الْبِنْت على كتف أَبِيهَا وَأَن يُطَاف بِهِ فى الْبَلَد وينادى عَلَيْهِ هَذَا الَّذِي جحد ابْنَته فَاعْرِفُوهُ
وَهَذَا التَّعْزِير على هَذَا الْوَجْه من ذكائه وَقد عمله فى مُقَابلَة مَا عمل عَلَيْهِ فى المكيدة