فَلَمَّا أَصْبَحْنَا صَاح النَّاس وَقَالَ نقب دكان الصّباغ وسرقت فجرونى وضربونى وَقَالُوا تكلم فاعتقدت التَّسْلِيم فَكَانُوا يغتاظون من سكوتى فحملونى إِلَى دكان الصّباغ وَكَانَ أثر رجل اللص فى الرماد فَقَالُوا ضع رجلك فِيهِ فَوضعت فَكَانَ على قدر رجلى فَزَادَهُم غيظا
وَجَاء الْأَمِير وَنصب الْقدر وفيهَا الزَّيْت يغلى وأحضرت السكين وَمن يقطع الْيَد فَرَجَعت إِلَى نفسى فَإِذا هى سَاكِنة فَقلت إِن أَرَادوا قطع يدى سَأَلتهمْ أَن يعفوا يمينى لأكتب بهَا
فبقى الْأَمِير يهددنى ويصول فَنَظَرت إِلَيْهِ فعرفته وَكَانَ مَمْلُوكا لوالدى فكلمنى بِالْعَرَبِيَّةِ وكلمته بِالْفَارِسِيَّةِ فَنظر إِلَى وَقَالَ أَبُو الْحُسَيْن وَكنت أكنى بهَا فى صباى
فَضَحكت فعرفنى فَأخذ يلطم رَأسه وَوَجهه واشتغل النَّاس بِهِ وَإِذا بضجة عَظِيمَة وَأَن اللص قد مسك
ثمَّ أَخذ الْأَمِير يُبَالغ فى الِاعْتِذَار وجهدنى أَن أقبل شَيْئا فأبيت وهربت
توفى ابْن خَفِيف لَيْلَة ثَالِث رَمَضَان سنة إِحْدَى وَسبعين وثلاثمائة وازدحم الْخلق على جنَازَته وَكَانَ أمرا عَظِيما وَصلى عَلَيْهِ نَحوا من مائَة مرّة
وَقيل إِنَّه عَاشَ مائَة سنة وَأَرْبع سِنِين
وَقيل مائَة إِلَّا خمس سِنِين وَلَعَلَّه الْأَصَح
وَمن كَلِمَاته والفوائد والمحاسن عَنهُ
قَالَ التَّقْوَى مجانبة مَا يبعدك من الله
وَقَالَ التَّوَكُّل الِاكْتِفَاء بضمانه وَإِسْقَاط التُّهْمَة عَن قَضَائِهِ
وَقَالَ لَيْسَ شئ أضرّ بالمريد من مُسَامَحَة النَّفس فى ركُوب الرُّخص وَقبُول التأويلات