بِدَلِيل أَن الْكَاذِب فِيهِ غير مُعْتَد لَهُ بِهِ عِنْد اللَّه تَعَالَى وينجر الْكَلَام فِي ذَلِك إِلَى مَسْأَلَة حقائق الْإِنْشَاء وَهِي من عمد أصُول الْفِقْه لَا من مخاضات الْمُتَكَلِّمين
وَأَنت إِذا تفهمت ماألقيته عَلَيْك من الْمذَاهب عرفت اجْتِمَاع الْمذَاهب
والمأخذ فِي الْمَسْأَلَة عَلَى أَرْبَعَة أَصْنَاف
الصِّنْف الأول يَقُولُونَ الْإِيمَان يكون فِي الْقلب وَاللِّسَان وَسَائِر الْجَوَارِح وهم فرق أعظمها قدرا وأكثرها عددا وأعزها نَفرا أَصْحَاب الحَدِيث وَوَافَقَهُمْ الْخَوَارِج والزيدية والمعتزلة بيد أَن المرام مُخْتَلف والمقصد متباعد ثمَّ هَؤُلَاءِ جَمِيعًا لَا يفرقون بَين الْإِيمَان وَالْإِسْلَام
والصنف الثَّانِي يَزْعمُونَ أَن الْإِيمَان إِنَّمَا يكون فِي الْقلب وَاللِّسَان دون سَائِر الْأَعْضَاء وَهَؤُلَاء مِنْهُم من يفرق بَين الْإِيمَان وَالْإِسْلَام فَيجْعَل أَعمال سَائِر الْأَعْضَاء إسلاما وهم كثير من الأشاعرة وَمِنْهُم من لَا يفرق وَلَا يكون هَذَا أشعريا أبدا
والصنف الثَّالِث يَزْعمُونَ أَن الْإِيمَان لَا يكون إِلَّا فِي الْقلب وَحده دون سَائِر الْجَوَارِح وَهَؤُلَاء فريقان
فريق قَالُوا الْإِسْلَام غير الْإِيمَان وَإِن الْإِسْلَام يكون فِي الْجَوَارِح وَإِن النُّطْق لَا بُد مِنْهُ وَإِن الْقَادِر عَلَيْهِ بِدُونِهِ كَافِر لَا يَنْفَعهُ معرفَة الْقلب
قَالَ الْأُسْتَاذ أَبُو مَنْصُور الْبَغْدَادِيّ وهم أَصْحَاب شَيخنَا أَبِي الْحَسَن الْأَشْعَرِيّ قَالَ وهم أحسن الْفَرِيقَيْنِ قولا
وفريق لَا يدْرِي مَذْهَبهم فِي الْجَوَارِح مَا هُوَ وهم الْجَهْمِية والبجلية أَصْحَاب جهم بْن صَفْوَان والْحَسَن بْن الْفضل البَجلِيّ وَالَّذِي يغلب عَلَى الظَّن أَنهم يَقُولُونَ