مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَادْعُوهُمْ إِلَى ثَلاثِ خِصَالٍ: ادْعُوهُمْ إِلَى الإِسْلامِ؛ فَإِنْ أَسْلمُوا فَاخْتَارُوا دَرَاهِم فَعَلَيْهِمْ فِي أَمْوَالِهِمُ الزَّكَاةَ، وَلَيْسَ لَهُم فِي فَيْء الْمُسْلِمِينَ نَصِيبٌ، وَإِنِ اخْتَارُوا أَنْ يَكُونُوا مَعَكُمْ فَلَهُمْ مِثْلُ الَّذِي لَكُمْ وَعَلَيْهِمْ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْكُمْ فَإِنْ أَبَوْا فَادْعُوهُمْ إِلَى إِعْطَاءِ الْجِزْيَة؛ فَإِن أقرُّوا بالجزية فقالتوا عدوهم من ورائهم وفرغوهم لخبراجهم وَلا تُكَلِّفُوهُمْ فَوْقَ طَاقَتِهِمْ، فَإِنْ أَبَوْا فَقَاتِلُوهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ نَاصِرُكُمْ عَلَيْهِمْ.
وَإِنْ تَحَصَّنُوا مِنْكُمْ فِي الْحِصْنِ فَسَأَلُوكُمْ أَنْ يَنْزِلُوا عَلَى حُكْمِ اللَّهِ وَحُكْمِ رَسُولِهِ فَلا تُنْزِلُوهُمْ عَلَى حُكْمِ اللَّهِ وَلا حُكْمِ رَسُولِهِ؛ فَإِنَّكُمْ لَا تَدْرُونَ مَا حُكْمُ اللَّهِ وَحُكْمُ رَسُولِهِ فِيهِمْ، وَإِنْ سَأَلُوكُمْ أَنْ تُنْزِلُوهُمْ عَلَى ذِمَّةِ اللَّهِ وَذِمَّةِ رَسُولِهِ؛ فَلَا تعطوهم ذمَّة الله ذمَّة رَسُولِهِ، وَأَعْطُوهُمْ ذِمَمَ أَنْفُسِكُمْ، فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَلَا تغدروا وَلَا تَغُلُّوا وَلا تُمَثِّلُوا وَلا تَقْتُلُوا وَلِيدًا.
قَالَ سَلَمَةُ: فَسِرْنَا حَتَّى لَقِينَا عَدُوَّنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَدَعَوْنَاهُمْ إِلَى مَا أَمَرَ بِهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فَأَبَوْا أَنْ يُسْلِمُوا؛ فَدَعَوْنَاهُمْ إِلَى إِعْطَاءِ الْجِزْيَةِ فَأَبَوْا أَنْ يُقِرُّوا بِهَا فَقَاتَلْنَاهُمْ فَنَصَرَنَا اللَّهُ عَلَيْهِم، فقاتلنا الْمُقَاتِلَةَ وَسَبَيْنَا الذُّرِّيَّةَ.
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسٍ بْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ جَرِيرٍ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَلا تُرِيحُنِي من ذِي الْخصْلَة؟ بَيت كَانَ لخثعم كَانَ تَعْبُدُهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يُسَمَّى كَعْبَةَ الْيَمَانِيَّةَ١. قَالَ: فَخَرَجْتُ فِي مِائَةٍ وَخَمْسِينَ رَاكِبًا فَحَرَّقْنَاهَا حَتَّى جَعَلْنَاهَا مِثْلَ الْجَمَلِ الأَجْرَبِ، قَالَ: ثُمَّ بَعَثْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلا يُبَشِّرُهُ؛ فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِ قَالَ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا آتِيك حَتَّى تَرَكْنَاهَا مِثْلَ الْجَمَلِ الأَجْرَبِ. قَالَ: فَبَرَّكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَحْمَسَ وَخَيْلِهَا.
القَوْل فِي تحريق بلد الْعَدو وَقطع شَجَره المثمر:
وَقد كره قوم التَّحْرِيم فِي بِلادِ الْعَدُوِّ وَقَطْعَ الشَّجَرِ الْمُثْمِرِ وَالنَّخْلِ، وَلَمْ يَرَ بِهِ آخَرُونَ بَأْسًا.
وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ} ٢ الْحَشْر: ٥ ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ: {يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ} الْحَشْر: ٢ وَبِمَا فَعَلَهُ جَرِيرٌ مِنَ التَّحْرِيقِ
١ صنم لقبائل دوس وخثعن وبجيلة.
٢ لينَة: النَّخْلَة الناعمة.