وقال ابن الجزري (ت (٨٣٣) هـ): إن ابن سعد روى الحروف عن محمد ابن عمر الواقدي، ورواها عن ابن سعد، الحارث بن أبي أسامة (١).
ربما دلت صلته بالنحويين واللغويين، مثل أبي زيد الأنصاري النحوي (ت (٢١٥) هـ) صاحب التصانيف اللغوية والنحوية، وكان يُعد أعلم من الأصمعي وأبي عبيدة في النحو (٢).
ومثل محمد بن سعدان الضرير المتقدم، ربما دل ذلك على اهتمامه بالنواحي النحوية واللغوية.
وخلاصة القول: أن دراسة ابن سعد قد شملت، القرآن، والحديث والفقه، والأنساب، والتاريخ، وعلم الرجال، والغريب، واللغة، والنحو، إلاَّ أنه لم يؤلف سوى كتابه (الطبقات الكبرى) الذي حوى مادة علمية نفيسة في الحديث والأنساب، والتاريخ، ونقد الرجال.
ويبدو أن هذه العلوم هي التي استأثرت باهتمام ابن سعد وغلبت على ثقافته (٣).
أقوال النقاد فيه ومناقشتها
كاد ابن سعد يسلم من جرح النقاد لولا أن ابن معين كذَّبه، وذلك فيما يرويه الخطيب البغدادي بسنده عن الحسين بن فَهُم، قال:
(كنت عند مصعب الزبيري فمر بنا يحيى بن معين فقال له مصعب: يا أبا زكريا حدثنا محمد بن سعد الكاتب بكذا وكذا -وذكر حديثاً- فقال له يحيى: كذب" (٤). إلا أن الخطيب اعتذر عن ابن سعد، وصرف نقد ابن معين
(١) انظر: غاية النهاية في طبقات القراء ٢/ ١٤٢.
(٢) انظر: الفهرست ٨١. وتاريخ بغداد ٩/ ٧٧.
(٣) من لمسات المشرف.
(٤) انظر: تاريخ بغداد ٥/ ٣٢١.