وأجمع القراء على {ذِي} بالياء نعت ل {يَوْمٍ} إلاّ الحسن البصرى فإنه قرأ (١)، «فى يوم ذا مسغبة» جعل «ذا» نعتا لمحذوف، والتّقدير: أو إطعام فى يوم فقيرا ذا مسغبة. والاختيار ما عليه النّاس. و {يَتِيماً} مفعول إطعام.
وقرأ الباقون: {فَكُّ رَقَبَةٍ} جعلوه مصدرا. وأضافوه إلى رقبة، والمصدر إذا كان بتقدير الفعل عمل عمله. فهذا وإن كان فى اللّفظ مضافا فهو فى المعنى مفعول. وتلخيصه: فلا يقتحم العقبة، ولا يجوز الصّراط إلا من كان بهذه الصّفة أن يفك رقبة {أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ} أى: أو أن يطعم يتيما.
فقال أهل البصرة: ينتصب «يتيما» «بإطعام».
وقال أهل الكوفة: المصدر إذا نون أو دخلته الألف واللام لم يعمل فقيل لهم: فبم تنصبون يتيما؟ فقالوا: بفعل مشتق من هذا المصدر والتقدير عندهم: / {أَوْ إِطْعامٌ} أن يطعم يتيما.
٢ - وقوله تعالى: {مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ} ١٥.
نسق على {يَتِيماً ذا مَقْرَبَةٍ} أى: قد لصق بالتراب من الفقر وشدّته، يقال ترب الرجل: إذا افتقر والتصق بالتراب، وأترب: إذا استغنى أى: صار ماله كالتّراب كثرة، فأمّا قول رسول الله صلّى الله عليه وسلم للرجل الذى قال له: «تربت يداك» فقد فسرته فى غير هذا الموضع.
وأمّا الفرق بين المسكين والفقير، فإن أكثر النّاس قالوا المسكين أسوأ حالا من الفقير الذى له البلغة من العيش، والمسكين الذى لا شئ له. واحتجوا
(١) القراءة فى إعراب القرآن للنحاس: ٣/ ٧٠٩، والمحتسب: ٢/ ٣٦٢، وتفسير القرطبى:
٢٠/ ٦٩، والبحر المحيط: ٨/ ٤٧٦.