ببغداد، وقال: انى أريد أن أدخل على أبى عمر الزّاهد ولا تعلمه بمكانى إذا دخلت عليه-وكانت فى أبى عبد الله بن خالويه دعابة-قال فلما حضر أبو رياش عرّفت أبا عمر بمكانه فقال: إذا رآنى أبو رياش زاد فى ريشى ورياشى، يا أبا رياش: مالرّيش والرّيش والرّيش والرّياش ... » القصة.
ويظهر أن ابن خالويه أدرك أواخر الفصحاء من الأعراب فقد نقل السّيوطى فى تحفة الأديب: ١٧٤/ ١ قال: «قال ابن خالويه: وقف على أعرابى من مضر- وكان فصيحا متلثّما متقلّدا سيفا-فسمعنى وأنا أقرأ: {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ} فلما انتهيت إلى قوله: {فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ} قلت: أقسم الله تعالى ببقر الوحش، وهى خنّس، والخنس: تأخر فى الأنف، والذّلف: صغر الأنف والقنا: احديداب فى وسط الأنف، والفطس: عرض الأنف والخثم: مثلثة، والشمم: ارتفاع الأنف، والعرب تمدح بالشمم، قال حسّان:
يسقون من ورد البريص عليهم ... بردى تصفّق بالرّحيق السّلسل
بيض الوجوه كريمة أحسابهم ... شمّ الأنوف من الطّراز الأول
والعرب تقول: كل بقرة خنساء، وكل ناقة علماء، وكل شجرة ليناء-أي:
تخرج الصّمغ-وكل فحل يمذي، وكل أنثى تقذي، وكل طائر مخزوم-أي:
مشقوق الأنف-.فلما رآنى أهدر باللغة كالطير حسر اللّثام عن وجهه، وقال:
أراك مفوها منطيقا أفلا أسألك؟ قلت: سل، قال: اسأل عن أشياء فى القرآن، منها ما تعلم، ومنها ما لا تعلم فأخبرنا عن ما تعلم منها، قلت: إذا سألتنى عن ما أعلم عرّفتك، وإذا سألتنى عن ما لا أعلم قلت: لا أعلم تأولت فيه قول عاقل الشعراء.
إذا ما انتهى علمى تناهيت دونه ... أطال فأملى أم تناهى فأقصرا