قال أبو عبد الله رضى الله عنه: والأمر بينهما قريب وذلك: أنّك تقول:
أظلّ الله زيدا فظلّ هو، وأماته الله فمات هو، وكذلك صدّه الله فصد هو، والاختيار أن تقول: صدّ الكفّار وأصدّهم الله وأصدّهم بعد أن صدّوا عقوبة لهم وجزاء كما قال (١): {الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ}.
وفيها قراءة ثالثة.
حدّثنى أحمد بن عبدان عن على بن أبى عبيد قال: قرأ يحيي بن وثّاب: (٢) «وصِدّوا عن السّبيل» بكسر الصّاد، والأصل فى هذه القراءة:
صددوا، فنقلت كسرة الدّال إلى الصّاد بعد أن أزالوا الضمّة، وأدغموا الدّال فى الدّال/كما قرأ علقمة: «ولو رِدّوا لعادوا» (٣) بكسر الراء، أراد: رددوا فأدغم وقد بيّن هذا فيما مضى.
١٠ - وقوله تعالى: {وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ} ٣٩.
قرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم مخفّفا، من أثبت يثبت إثباتا فهو مثبت:
إذا كتب.
وقرأ الباقون «يثبِّت» مشددا أى: يتركه فلا يمحوه كما قال الله تعالى: {يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا} ورأيت النحويين يختارون التخفيف، قالوا: لأنّ التّفسير موافقة اللّغة، وذلك أن الله عزّ وجلّ قد وكّل بالعبد ملكين يكتبان حسناته وسيئاته، فإذا عرضاه على الله تعالى يثبّت ما يشاء فيه من الثّواب والعقاب، ومحا ما شاء من ذلك مما لا ثواب فيه ولا عقاب كاللّغو الذى لا يؤاخذ الله العبد به، وإنّما يأخذ بالإصرار على الذّنب
(١) سورة محمد (القتال) آية ١.
(٢) القراءة فى تفسير القرطبى: ٩/ ٣٢٣، والبحر المحيط: ٥/ ٥/ ٣٩٥ عن اللوامح.
(٣) سورة الأنعام: آية: ٢٨، والقراءة فى تفسير القرطبى: ٦/ ٤١٠، والبحر المحيط:
٤/ ١٠٤، وينظر حاشية الخضرى: ١/ ١٦٩. ويراجع: تحفة الأقران: ١٢٣.