-ويجوز أن ترفعه بفعل محذوف تقديره: يبلغان عندك الكبر/يبلغ أحدهما أو كلاهما.
-ويكون رفعا على السّؤال والتّفسير كقوله: {وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا} (١) .
وقرأ الباقون: {يَبْلُغَنَّ} لأن الفعل إذا تقدّم لم يثن ولم يجمع ولا ضمير فيه فيرتفع {أَحَدُهُما} بفعله وهو {يَبْلُغَنَّ} وينسق {أَوْ كِلاهُما} على {أَحَدُهُما} هذا بيّن.
فإن سأل سائل: فقال: هل أباح الله أن يقال لهما «أفّ» قبل أن يبلغا الكبر؟
فالجواب فى ذلك: أنّ الله تعالى قد أوجب على الولد لجماعة الوالدين الطّاعة فى كلّ حال، وحظر عليه أذاهما، وإنما خصّ الكبر؛ لأنّ وقت كبر الوالدين ممّا يضطر الولد إلى الخدمة إذ كانا محتاجين إليه عند الكبر، والعرب تضرب مثلا للبارّ بأبويه فيقولون: «فلان أبرّ من النّسر» (٢) وذلك أنّ النّسر إذا كبر ولم ينهض للطّيران جاء الفرخ فزقّه كما كان أبواه يزقّانه، وهذا كقوله:
{يُكَلِّمُ النّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً} (٣) .
إن قال قائل: ما الأعجوبة فى {وَكَهْلاً} فى كلامه وكلّ النّاس يتكلمون إذا اكتهلوا؟
فالجواب فى ذلك أنّ الله تعالى جعل كلام عيسى صلّى الله عليه وسلم وهو فى المهد
(١) سورة الأنبياء: آية: ٣.
(٢) لم تذكره كتب الأمثال، وذكروا «أبرّ من هرة» و «أبرّ من الذئب بولده» هذا بالنسبة إلى الحيوان وذكروا غير ذلك.
(٣) سورة آل عمران: آية: ٤٦.