وحدّثنى محمّد بن الحسن الأنبارىّ، عن ابن فرح، عن أبى عمر، عن اليزيديّ، عن أبى عمرو أنّه قرأ «كهِيِعص» بكسر الهاء والياء. قال: قلت لأبى عمرو، لم كسرت الهاء؟ قال: لئلا تلتبس بالهاء التى للتنبيه، قلت: فلم كسرت الياء؟ قال: لئلاّ تلتبس بالياء التى للنّداء إذا قلت: يا رجل، ويا زيد.
وهذا حسن جدّا.
قال ابن مجاهد: واللّفظ بهذه الحروف أن تنظر فما كان منها على حرفين كان أقصر مدّا نحو «ها»، و «يا»، وما كان على ثلاثة أحرف/كان أطول مدّا نحو «كاف» و «صاد»
فإن قيل لك: فإنّ أبا عمرو وغيره ممّن أدغم الدّال فى الذّال من «ص*ذِّكر» (١) جعلوه أطول من كاف؟
فالجواب فى ذلك: أنّ الألف إذا وقع بعدها حرف مشدّد نحو دابّة، وشابّة، وتابّة-وهى العجوز-فلا بدّ من مدّه؛ تمكينا للحرف المدغم، وليكون حاجزا بين السّاكنين.
واختلف أهل التأويل فى {كهيعص}.
قال قوم: أقسم الله تعالى بحروف المعجم (٢) ، ثم اجتزأ ببعض عن بعض.
وقال آخرون: بل وهو شعار للسّورة (٣) .
وقال عبد الرحمن بن أبى بكر: لله تعالى مع كلّ نبىّ سرّ، وسرّ الله تعالى مع محمّد صلّى الله عليه وسلم فى القرآن الحروف المقطعة.
(١) سورة ص: الآيتان: ١، ٢.
(٢) فى زاد المسير: ٥/ ٢٠٥، رواه على بن أبى طلحة عن ابن عباس.
(٣) قاله الحسن ومجاهد، فى زاد المسير أيضا.