وقرأ الباقون بإسكان الفاء، وتشديد القاف، وتخفيف التّاء، أرادوا:
تتلقّف كقراءة ابن كثير، غير أنّهم أسقطوا تاء. وابن كثير أدغم. ومعنى {ما يَأْفِكُونَ} أى: ما يختلقونه كذبا؛ لأنّ سحرهم كان تمويها، واختلاقا.
فلما ألقى موسى عصاه، صارت ثعبانا عظيما كالجانّ فى تثنّيها، وخفّتها، فلقفت ما افتعلوه حتّى زكنوا أنهم على ضلال. وأن الذى أتى به موسى حقّ، فقالوا {آمَنّا بِرَبِّ الْعالَمِينَ، رَبِّ مُوسى وَهارُونَ} (١).
١٥ - وقوله تعالى: {إِنَّما صَنَعُوا كَيْدُ ساحِرٍ} ٦٩.
قرأ أهل الكوفة «سِحْر» بغير ألف.
وقرأ الباقون، وعاصم {ساحِرٍ}.فالسّاحر، الرّجل، اسم الفاعل، مثل: قاتل. والسّحر، اسم الفعل. وإنما يكون حرفا، وحرفين فإذا جعلت «ما» نصبا بأن جعلت الكيد خبر «إنّ».و {صَنَعُوا} صلة «ما» والتّقدير: إنّ الذى صنعوه كيد سحر وهو كيد ساحر. وإن جعلت «ما» صلة، ونصبت «كيد» ب «صنعوا»، كان صوابا كما قال الله تعالى (٢) {إِنَّما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَوْثاناً} فلو رفعت الأوثان هناك، ونصبت الكيد هاهنا لكان صوابا/إلا أنّ القراءة سنّة، ولا تحمل على ما تحمل عليه العربيّة.
١٦ - وقوله تعالى: {وَلا يُفْلِحُ السّاحِرُ حَيْثُ أَتى} ٦٩
قال المفسّرون، يقتل حيث وجد.
قال أبو عبد الله: السّحر على ثلاثة أضرب:
إذا كان السّاحر يمرض المسحور، ولا يقتل عزّر. وإن كان يقتل بسحره
(١) سورة الشعراء: آية: ٤٧، ٤٨.
(٢) سورة العنكبوت: آية: ١٧.