قرأ أبو عمرو وحده «نَنْفَخُ» بالنّون لله تعالى، يخبر عن نفسه.
وقرأ الباقون {يَوْمَ يُنْفَخُ} على ما لم يسمّ فاعله، وحجّتهم {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ}.وحجّة أبي عمرو {وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ} ولم يقل «ويحشر المجرمون».
فإن سأل سائل فقال: جاء فى الحديث (١) إنّ النبى صلّى الله عليه وسلم قال:
«كيف أنعم، وصاحب الصّور قد التقم القرن، وحنا ظهره ينتظر متى يؤمر فينفخ فى الصّور».فلم قرأ أبو عمرو «نَنْفَخُ»؟
فالجواب فى ذلك: أنّ النافخ وإن كان إسرافيل، فإن الله تعالى هو المقدّر لذلك، وهو الآمر والخالق فينسب الفعل إلى نفسه، كما قال تعالى (٢):
{اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها} والّذى يتوفى هو ملك الموت صلّى الله عليه وسلم.
٣٢ - وقوله تعالى: {مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ} ١١٤.
اتفاق القرّاء على ما لم يسم فاعله.
فإن قيل لك: ما علامة النّصب فى هذه القراءة؟
فقل: الأصل أن يقضي. فانقلبت الياء ألفا لتحرّكها وانفتاح ما قبلها.
فقال قوم: هذه الحجّة فى تأخير البيان، لأنّ الله تعالى ينزل القرآن على نبيّه عليه
(١) لم أجد الحديث بهذا اللفظ، وأغلب من روى هذا الحديث يرويه: «وحنى جبهته» فى مسند الإمام أحمد: ١/ ٣٢٦، ٣/ ٢٧، ٤/ ٣٧٤، والترمذى ٤/ ٦٢٠ (صفة القيامة)، ٥/ ٣٧٢ (تفسير سورة الزمر) مجمع الزوائد: ١٠/ ٣٣١.
«وحنى ظهره» وأول الحديث مخالف لما هنا، ولعل صحة ما فى مجمع الزوائد: (حانيا ظهره).
(٢) سورة الزمر: آية: ٤٢.