وقال البصريّون: الواو نسق وليس زائدا، فمعناه: أعطيناهما التوراة التى فرقت بين الحق والباطل، وأعطيناه ضياء وذكرا، وشاهد بهذا القول قوله (١):
{فِيها (٢)} هُدىً وَنُورٌ والنّور هو الهدى.
٧ - وقوله تعالى: {وَإِلَيْنا تُرْجَعُونَ} ٣٥.
فيه ثلاث قراءات:
قرأ ابن عامر «تَرجعون» بفتح التاء أى: تصيرون.
وقرأ الباقون: {تُرْجَعُونَ} أى: تردّون. كما قال (٣): «وردّوا إلى الله مولاهم الحقُّ».
وروى عيّاش عن أبى عمرو «وإلينا يرجعون» بالياء إخبارا عن غيب.
والأول للمخاطبين.
٨ - وقوله تعالى: {فَجَعَلَهُمْ جُذاذاً} ٥٨.
قرأ الكسائى وحده «جِذاذا» بالكسر جعله جمع جذيذ، وجذاذ مثل خفيف، وخفاف. والجذيذ بمعنى مجذوذ وهو المقطوع، كما قال تعالى (٤):
{عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ} وتقول العرب: جددت (٥) الشّئ، وجزرته،
(١) يقصد الآية الكريمة: إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَنُورٌ سورة المائدة: آية: ٤٤.
(٢) فى الأصل: «فيه».
(٣) سورة الأنعام: آية: ٦٢.
(٤) سورة هود: آية: ١٠٨.
(٥) قال أبو زيد فى نوادره: ٥٠٨، ٥٠٩: «جذرت الأمر عنى أجذره جذرا وجذذته أجذّه جذّا وهما سواء، وذلك أن نقطعه عنك، وأنشد:
إلىّ بجذّ الحبل ممّن يريبنى ... إذا لم يوافق شئمتى لحقيق
وعقب على ذلك أبو الحسن على بن سليمان الأخفش بقوله: وجددت مثل جذذت، إلا أن أبا العباس محمد بن يزيد المبرد أخبرنا أن الجذّ قطعك الشئ من أصله. والجذ أن يبقى منه شيئا».