ففى ذلك ثلاثة أجوبة:
قال أبو عمرو: إنما فرّقت بينهما؛ لأنّ الذى فى (النّمل) استفهام، والذى فى (يس) انتفاء، ولم يذكر لم وجب أن يكون كذلك.
وقال آخرون: جمع بين اللّغتين ليعلم أنّهما جائزتان.
والقول الثالث: أن {ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ} استفهام، يصلح الوقف على ما لى وما لك، فإذا وقفت سكنت/الياء {وَما لِيَ لا أَعْبُدُ} بنى الكلام فيه على الوصل فحرك الياء إذا لم ينو الوقف.
وقيل لابن عباس: لم تفقّد سليمان الهدهد من بين الطير؟
فقال: لأنه كان قناقنا، أى: يعرف مواضع المياه (١).تقول العرب للذى يحفر الآبار: رجل قنقن وقناقن. وإنّما رفع الله العذاب عن الهدهد لبرّه بأبويه.
٥ - وقوله تعالى: {أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطانٍ مُبِينٍ} ٢١
قرأ ابن كثير: «أو ليأتينّنى» بنونين، الأولى مشدّدة نون التّوكيد، والثّانية مع الياء اسم المتكلم.
وقرأ الباقون: {أَوْ لَيَأْتِيَنِّي} بنون واحدة كرهوا الجمع بين ثلاث نونات فخزلوا واحدة كما قال (٢): {إِنّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ} والأصل: إنّنا. ومعنى
(١) تهذيب اللّغة للأزهرى: ٨/ ٢٩٣* وأخبرنى المنذرى عن ثعلب عن ابن الأعرابى، قال:
القناقن: البصير باستنباط المياه وجمعه قناقن وأنشد للطّرمّاح يصف الوحش ديوانه: ٤٨٥:
يخافتن بعض المضغ من خشية الرّدى ... وينصتن للسّمع انتصات القناقن
وقال اللّيث: هو القنقن والقناقن».
(٢) سورة الكوثر: آية: ١.