وقرأ الباقون بكسر الفاء جعلوهن فاعلات من نفرت، وينشد (١):
اربط حمارك إنه مستنفر ... فى إثر أحمرة عمدن لغرّب
فلا يجوز فى هذا فتح الفاء؛ لأنّه لم يستنفره أحد. والعرب تقول: نفر واستنفر بمعنى، وعلا قرنه واستعلاه بمعنى، وسمع أعرابى رجلا يقرأ: {كَأَنَّهُمْ (٢)} حُمُرٌ/مُسْتَنْفِرَةٌ فقال: طلبها قسورة، قيل له: ويحك إنّه فى القرآن:
{فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ} فقال: فمستنفرة إذا. والقسورة: الرّماة، والقسور بغير هاء: نبت، والقسورة: الأسد. فأمّا قول امرئ القيس (٣):
* ...... كمشية قسورا*
يصف الأسد، وأنه أراد: كمشية قسورة ثم رخّم الهاء وأتى بالألف للقافية.
٥ - وقوله تعالى: {كَلاّ بَلْ لا يَخافُونَ} «و» {الْآخِرَةَ} ٥٣.
قرأ ابن عامر: «بل لا تخافون الآخرة» بالتّاء على الخطاب.
وقرأ الباقون بالياء ردّا على قوله: {بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتى صُحُفاً مُنَشَّرَةً} ومنشّرة بتشديد الشّين؛ لأن الصحف كثيرة. وهى قراءة
(١) معانى القرآن للفراء: ٣/ ٢٠٦، ومعانى القرآن وإعرابه للزّجاج: ٥/ ٢٥٠، وتفسير القرطبى: ١٩/ ٨٧، والبحر المحيط: ٨/ ٣٨٠، وروايته هناك: (عهدن العرب).
و(غرّب) جبل فى بلاد بنى كلب دون الشام. قال ياقوت فى معجم البلدان: ٤/ ١٩٢:
«بضمّ أوله وتشديد ثانيه وآخره باء موحدة، علم مرتجل لهذا الموضع اسم جبل دون الشام فى ديار بنى كلب ... ».
(٢) فى الأصل: «كأنّه».
(٣) ديوان امرئ القيس بعناية ابن أبى شنب- رحمه الله-: ٣٠٥ والبيت بتمامه:
وعمرو بن درماء الهمام إذا غدا ... بذى شطب عضب كمشية قسورا