فخم: أنه أتى بالكلام على أصله. والحجة لمن أمال: أنه دلّ بالإمالة على الياء المنقلبة، ومجيء الراء في الكلمة، لأن الأصل (وورية) «١»، وأبدلت الواو الأولى تاء، والثانية ياء «٢»، وقلب الياء ألفا، لأنها مأخوذة من: ورى الزند «٣». ومن قرأ بين ذلك أتى بأعدل اللفظين، وقارب بين اللغتين.
قوله تعالى: سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ «٤»، وتَرَوْنَهُمْ «٥». يقرأن بالتاء والياء. فالحجة لمن قرأهن بالتاء: أنه أراد: قل لهم يا محمد مواجها بالخطاب: ستغلبون. وهذا من أدلّ دليل على نبوته صلى الله عليه، لأنه أخبرهم عن الغيب بما لم يكن أنه سيكون، فكان كما قال، والحجة لمن قرأ بالياء: أنه خاطب نبيّه بذلك، وهم غيّب، فكانت الياء أولى لمكان الغيبة.
والاختيار في «ترونهم» التاء كقوله: قَدْ كانَ لَكُمْ «٦» ولم يقل: لهم، لأن الرؤية للكفار، والهاء والميم كناية عن المسلمين.
قوله تعالى: وَرِضْوانٌ مِنَ اللَّهِ «٧». يقرأ بكسر الراء وضمها. فالحجة لمن كسرها:
أنه مصدر، والأصل فيه رضيت رضى، ثم زيدت الألف والنون، فردّت الياء إلى أصلها، كما كان الأصل في «كفران»: كفرا.
ولمن ضم حجتان: إحداهما: أنه فرّق بين الاسم والمصدر. والثانية أنّ الضمّ في المصادر مع زيادة الألف والنون أكثر وأشهر كقوله: فَلا كُفْرانَ لِسَعْيِهِ «٨»، والشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبانٍ «٩».
فإن قيل: فإن من قرأ بالضّم هاهنا قرأ بالكسر في قوله: مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ «١٠» فقل:
إنما أتى باللغتين ليعلمك جوازهما.
(١) وقيل أصلها تورية على وزن (تفعلة)، والتاء زائدة وتحركت الياء وقبلها فتحة، فقلبت ألفا.
(٢) هكذا في الأصل وهي زيادة لا معنى لها.
(٣) وروي أيضا: لغتان.
(٤) آل عمران: ١٢.
(٥) آل عمران: ١٣.
(٦) آل عمران: ١٣.
(٧) آل عمران: ١٥.
(٨) الأنبياء: ٩٤.
(٩) الرحمن: ٥.
(١٠) المائدة: ١٦.