قوله تعالى: بِما وَضَعَتْ «١» يقرأ بإسكان التاء وضمّها. فالحجة لمن أسكن: أنه جعله من إخبار الله تعالى عن أم مريم، والتّاء دليل على التأنيث وليست باسم. والحجة لمن ضم:
أنه حكى عن أم مريم ما أخبرت به عن نفسها، فالتاء هاهنا اسم. وإنما بني على الحركة لضعفه بأنه حرف واحد.
قوله تعالى: وَكَفَّلَها «٢». يقرأ بتشديد الفاء وتخفيفها. فالحجة لمن شدد: أنه عدّى بالتشديد الفعل إلى مفعولين: إحداهما: الهاء والألف المتصلتان بالفعل. والثاني: (زكريا) وبه ينتصب (زكريّا) في قراءة من شدد الفاء، لأنه عطفه على قوله: (فتقبلها ربّها) وكفلها. والحجة لمن خفف الفاء: أنه جعل الفعل ل (زكريا)، فرفعه بالحديث عنه، وجعل ما اتصل بالفعل من الكناية مفعولا له. ودليله على ذلك قوله: أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ «٣».
و (زكريا) يمدّ، ويقصر ولا يجرى «٤» للتعريف والعجمة.
قوله تعالى: فَنادَتْهُ الْمَلائِكَةُ «٥». يقرأ بالتاء، والألف. فالحجة لمن قرأ بالتاء: أن الملائكة جماعة، فدل بالتاء على معنى: الجماعة. والدليل على ذلك قوله: وَإِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ «٦». والحجّة لمن قرأ بالألف: أن الفعل مقدّم «٧»، فأثبت بالألف كما أقول:
رماه القوم، وعاداه الرجال. ومع ذلك فالملائكة هاهنا: جبريل، فذكّر الفعل للمعنى.
قوله تعالى: أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ «٨». يقرأ بضم الياء مع التشديد، وبفتحها مع التخفيف.
(١) آل عمران: ٣٦.
(٢) آل عمران: ٣٧.
(٣) آل عمران: ٤٤.
(٤) لا يجري: لا ينون: قال الطبري: «الصواب عندنا إذا مد زكريا أن ينصب بغير تنوين لأنه اسم من اسماء العجم لا يجري. (الطبري ٣: ١٦٣) وانظر في معنى الإجراء: (المعجم الوسيط ١: ١٢٠ والقاموس المحيط مادة:
جرى).
(٥) آل عمران: ٣٩.
(٦) آل عمران: ٤٢.
(٧) قال الطبري «والصواب من القول عندي في قراءة ذلك أنهما قراءتان معروفتان أعني: التاء والياء، فبأيهما قرأ القارئ فمصيب .. وذلك أن الملائكة إن كان مرادا بها: جبريل كما روي عن عبد الله، فإن التأنيث في فعلها فصيح في كلام العرب للفظها إن تقدمها فعل، وجائز فيه التذكير لمعناها. وإن كان مرادا بها: جمع الملائكة فجائز في فعلها التأنيث وهو من قبلها للفظها، وذلك أن العرب إذا قدّمت على الكثير من الجماعة فعلها انثته، فقالت:
قالت النساء، وجائز التذكير في فعلها بناء على الواحد إذا تقدم فعله فيقال: «قال الرجال» الطبري: ٣: ١٦٩.
(٨) آل عمران: ٣٩.