القضاء «١». ومنه قوله تعالى: وَفَصْلَ الْخِطابِ «٢». والحجة لمن قرأه بالصاد أنه قال:
لو كان ذلك من القضاء لبثت في الفعل الياء علامة للرفع. واستدل على أنها بالصاد بقوله تعالى: نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ «٣» وبقوله: فَاقْصُصِ الْقَصَصَ «٤» يريد به، القرآن فكذلك (الحق) يريد به القرآن. فأما احتجاجه بحذف الياء فلا وجه له، لأنه قد حذف من السّواد ياءات وواوات هنّ علامات الرفع لالتقاء الساكنين لأنهن لما ذهبن لفظا سقطن خطّا.
قوله تعالى: وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ «٥». يقرأ بالرفع، والنصب. فالحجة لمن رفع:
أنه جعل الفعل للسبيل فرفعها بالحديث عنها. ومن نصب جعل الخطاب بالفعل للنبي صلى الله عليه وسلم، وكان اسمه مستترا في الفعل، ونصب السّبيل بتعدّي الفعل إليها.
قوله تعالى: تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً «٦». يقرأ بضم الخاء وكسرها. وهما لغتان فصيحتان.
قوله تعالى: قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ «٧»، قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ «٨» يقرءان بالتشديد والتخفيف.
فالحجة لمن شدّد: أنه أخذه من نجى ينجّي وهو علامة لتكرير الفعل، ومداومته. والحجة لمن خفف: أنه أخذه من أنجى ينجي. فأما من شدد الثانية وخفف الأولى فإنه أتى باللغتين ليعلم أن القراءة بكلتيهما صواب.
قوله تعالى: لَئِنْ أَنْجَيْتَنا «٩». يقرأ بالياء والتاء، وبالألف مكان الياء «١٠». فالحجة لمن
(١) يرجح الطبري هذه القراءة بقوله: «قرأ جماعة من قراء الكوفة والبصرة: «إن الحكم إلا لله يقضي الحق» بالضاد من القضاء بمعنى الحكم والفصل بالقضاء، واعتبروا صحة ذلك بقوله «وَهُوَ خَيْرُ الْفاصِلِينَ»، وأن الفصل بين المختلفين، إنما يكون بالقضاء، لا بالقصص، وهذه القراءة عندنا أولى القراءتين بالصواب، لما ذكرنا لأهلها من العلة، فمعنى الكلام إذا: ما الحكم فيما تستعجلون به أيها المشركون من عذاب الله، وفيما بيني وبينكم إلا الله الذي لا يجور في حكمه، وبيده الخلق والأمر يقضي الحق بيني وبينكم، وهو خير الفاصلين بيننا بقضائه وحكمه.
انظر (الطبري ٧: ١٣٥، ١٣٦، المطبعة الأميرية طبعة أولى).
(٢) ص: ٢٠
(٣) يوسف: ٣
(٤) الأعراف: ١٧٦
(٥) الأنعام: ٥٥
(٦) الأنعام: ٦٣
(٧) الأنعام: ٦٣
(٨) الأنعام: ٦٤
(٩) الأنعام: ٦٣
(١٠) أي من غير أن يكون معها تاء.