قوله تعالى: جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ «١» يقرأ بضمّ الشين والمدّ، وطرح التنوين، وبكسر الشين وإسكان الراء والتنوين. فالحجة لمن قرأه بضم الشين: أنه جعله جمع «شريك» فمنعه من الصرف، لأن الهمزة التي في آخره مشاكلة لهمزة حمراء وما أشبهها. والحجة لمن قرأه بكسر الشين: أنه أراد المصدر. ومعنى الآية: أنّ ابليس لعنه الله أتى حواء وهي عند أول حمل حملت فقال لها: ما هذا الذي في بطنك أبهيمة أم حية؟ قالت: لا أدري قال لها:
إن دعوت الله تعالى أن يجعله بشرا سويّا تسمينه باسمي؟ قالت: نعم، فلما أتاهما الله ولدا صالحا، جعلا له شركاء فيه فسمّياه عبد الحرث باسم إبليس- لعنه الله.
قوله تعالى: إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ «٢». إجماع القرّاء على قراءته بثلاث ياءات. الأولى: ياء فعيل زائدة. والثانية: لام الفعل أصلية. والثالثة: ياء الإضافة، فأدغمت الزائدة في الأصلية، واتصلت بها ياء الإضافة ففتحت لالتقاء الساكنين.
هذا لفظ القراء إلّا ما رواه «ابن اليزيدي» «٣» عن أبيه عن أبي عمرو: (إن وليّ الله» بياء مشددة مفتوحة. فإن صح ذلك عنه، فإنه حذف الوسطى، وأدغم في الإضافة، وفتحها، كما قالوا: إليّ وعليّ ولديّ بفتح الياء.
قوله تعالى: إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ «٤». يقرأ بإثبات الألف وحذفها. فالحجة لمن أثبتها:
أنه جعله اسم الفاعل من: طاف الخيال: إذا طرق النائم. وهما لغتان طاف طوفا وأطاف مطافا. ومعنى طائف الشيطان: وساوسه ولممه وختله. قال الشاعر:
وتضحى على غبّ السّرى وكأنّما ... أطاف بها من طائف الجنّ أولق
«٥» والحجة لمن حذفها: أنه أراد به: ردّه إلى الأصل. وأصله: طويف، فلما تقدّمت الواو
(١) الأعراف: ١٩٠
(٢) الأعراف: ١٩٦
(٣) محمد بن يحيى بن المبارك اليزيدي أبو عبد الله بن أبي محمد. قال الخطيب: من أهل البصرة، سكن بغداد، وكان من أهل الأدب والعلم بالقرآن واللغة مدح الرشيد، وأدّب المأمون. مات محمد هذا
بمصر لما خرج إليها المعتصم «بغية الوعاة: ١١٤».
(٤) الأعراف: ٢٠١.
(٥) اللسان ينسب البيت إلى الأعشى في وصف ناقته. ورواية البيت كما ذكرها:
وتصبح عن غبّ السّري وكأنما ... ألمّ بها من طائف الجن أولق
والأولق: شبه الجنون. انظر: «اللسان: مادة: ولق». قال الفراء: وهم يصفون الناقة- لسرعتها- بالحدّة والجنون. انظر «الخصائص لابن جني ٣: ٢٩٢».