فيعمل عمله تاما كقولك: سل «١» زيدا أو قل «٢» الحق كانت إنّ بهذه المثابة.
ولو رفع ما بعدها في التخفيف لكان وجها. واحتج أنه لما كانت إنّ مشبهة بالفعل لفظا ومعنى، عملت عمله، والمشبه بالشيء أضعف من الشيء، فلما خفّفت عاد الاسم بعدها إلى الابتداء والخبر، لأنها عليه دخلت.
قوله تعالى: لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ «٣» يقرأ بتشديد الميم، وتخفيفها. فالحجّة لمن خفف: أنه جعل اللام داخلة على خبر (إنّ). و (ليوفّينّهم) لام تحتها قسم مقدّر. و «ما» صفة عن ذات الآدميين كقولك: إنّ عندي لما غيره خير منه. والحجة لمن شدّد: إنه أراد:
(لمن ما) فقلب لفظ النون ميما، ثم أدغمها في الميم بعد أن أسقط إحدى الميمات تخفيفا واختصارا، لأنهنّ ثلاث في الأصل.
قوله تعالى: وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ «٤». يقرأ بفتح الياء وكسر الجيم. وبضم الياء وفتح الجيم. فالحجة لمن ضم: أنه أراد: يردّ الأمر. والحجة لمن فتح: أنه أراد: يصير الأمر.
ومعناهما قريب.
قوله تعالى: وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ «٥» يقرأ بالياء والتاء. وقدمنا من ذكره في نظائره ما يغني عن إعادته إن شاء الله.
ومن سورة يوسف
قوله تعالى: يا أَبَتِ «٦». يقرأ بفتح التاء وكسرها. فالحجة لمن فتح: أنه أراد (يا أبة) بالهاء «٧» ثم رخّم الهاء فبقي (يا أب)، ثم أعاد إلى الاسم هاء السكت، وأدرج، فبقيت
(١) لأن أصله: اسأل.
(٢) لأن أصله: قال ...
(٣) هود: ١١١.
(٤) هود: ١٢٣.
(٥) هود: ١٢٣.
(٦) يوسف: ٤.
(٧) أي بتاء التأنيث التي يوقف عليها بالهاء، والتي تلحق الأسماء. قال الفراء: (ولو قيل: يا أبت لجاز الوقف عليها بالهاء من جهة، ولم يجز من أخرى فأما جواز الوقوف على الهاء فأن تجعل الفتحة فيها من النداء ولا تنوي أن تصلها بألف الندبة، فكأنه كقول الشاعر:
كليني لهم يا أميمة ناصب ... الخ