وما بدأت فيه بالحلية، ثم أتيت بعدها بالاسم فهو: البدل كقولك: مررت بالظريف زيد. فاعرف الفرق في ذلك.
قوله تعالى: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ «١». يقرأ بإثبات الألف وطرحها. فالحجة لمن أثبتها:
أنه جعله اسما للفاعل ورفعه بخبر إنّ وأضافه إلى (السموات) فكان بالإضافة في معنى:
ما قد مضى وثبت. والحجة لمن طرحها: أنه جعله فعلا ماضيا وعدّاه إلى (السموات) فنصبها، وإن كان النصب فيها كالخفض، لأن الكسرة في جمع المؤنث السالم كالياء في
جمع المذكّر السالم.
قوله تعالى: وَما أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ «٢». تقرأ بفتح الياء وكسرها. فالحجة لمن فتح:
أنه يقول: الأصل بمصرخيني، فذهبت النون للإضافة، وأدغمت الياء في الياء، فالتقى ساكنان، ففتح الياء لالتقائهما «٣» كما تقول: عليّ، ومسلميّ، وعشريّ. والحجة لمن كسر: أنه جعل الكسرة بناء لا إعرابا. واحتج بأن العرب تكسر لالتقاء الساكنين كما تفتح، وإن كان الفتح عليهم أخف. وأنشد شاهدا لذلك:
قال لها هل لك يا تافيّ ... قالت له ما أنت بالمرضيّ
«٤» قوله تعالى: لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ «٥». يقرأ بفتح اللام الأولى ورفع الفعل، وبكسرها ونصب الفعل. فالحجة لمن فتح، أنه جعلها لام التأكيد، فلم تؤثر في الفعل ولم تزله عن أصل إعرابه. وهذه القراءة توجب زوال الجبال لشدّة مكرهم وعظمه. وقد جاء به التفسير. والحجة لمن كسر: أنه جعلها لام كي، وهي في الحقيقة لام الجحد (وإن)
(١) إبراهيم: ١٩.
(٢) إبراهيم: ٢٢.
(٣) يقول العكبرى: الجمهور على فتح الياء وهو جمع: مصرخ. فالياء الأولى ياء الجمع والثانية ضمير المتكلم وفتحت لئلا تجتمع الكسرة والياءان بعد كسرتين.
(٤) من أرجوزة للأغلب العجلي، وهو شاعر إسلامي، وقوله: قال لها: الضمير عائد على امرأة تقدم ذكرها، «ويا» حرف نداء، و «تا» بالمثناة الفوقية: منادى، وهو اسم إشارة يشار به إلى المؤنث، ولك: بكسر الكاف.
يقول: قال لها ذلك الرجل الماضي بباب هذه المرأة: هل لك رغبة فيّ؟ قالت له: لست بالمرضيّ، فيكون لي رغبة فيك. (خزانة الأدب ٢: ٢٥٧، ٢٥٨) وانظر: (معاني القرآن للفراء ٢: ٧٦).
(٥) إبراهيم: ٤٦.