والعمر، ومعناه: رحمة، وعطف، وقربى.
قوله تعالى: فَأَتْبَعَ «١» ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً «٢». يقرءان بألف الوصل وتشديد التاء، وبألف القطع وإسكان التاء. فالحجة لمن قرأها بألف الوصل: أنّ وزنه: (افتعل) وأصله:
اتتبع فأدغمت التاء في التاء. والحجة لمن قرأها بألف القطع: أنه جعله من أفعل يفعل أتبع يتبع. وقال بعض اللغويين: معنى اتّبعه بألف الوصل: سرت في أثره، ومعنى أتبعته بألف القطع: لحقته، ودليل ذلك قوله تعالى: فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ «٣» أي:
لحقه. والسّبب هاهنا: الطريق: وفي غير هذا: الحبل، والقرابة.
قوله تعالى: فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ «٤». يقرأ بغير ألف، وبالهمزة، وبالألف من غير همز.
فالحجة لمن قرأها بغير ألف وبالهمز: أنه أراد في عين سوداء وهي: (الحمأة) التي تخرج من البئر. وقيل معناه: في ماء، وطين. والحجة لمن قرأها بالألف من غير همز: أنه أراد: في عين حارّة من قوله تعالى: وَما أَدْراكَ ما هِيَهْ، نارٌ حامِيَةٌ «٥».
قوله تعالى: فَلَهُ جَزاءً الْحُسْنى «٦». يقرأ بالرفع والإضافة، وبالنصب والتنوين.
فالحجة لمن رفع وأضاف: أنه رفع الجزاء بالابتداء، وأضافه إلى الحسنى، فتم بالإضافة اسما. وقوله: (له) الخبر. يريد به (فجزاء الحسنى له). ودليله قوله: لَهُمُ الْبُشْرى «٧».
والحسنى هاهنا: بمعنى الإحسان، والحسنات. والحجة لمن قرأه بالنصب، أنه أراد به وضع المصدر في موضع الحال، كأنه قال: فله الجنة مجزيا بها جزاء. وله وجه آخر:
أنه ينصبه على التمييز، وفيه ضعف، لأن التمييز يقبح تقديمه، سيّما إذا لم يأت معه فعل متصرّف، وقد أجازه بعض النحويين على ضعفه. واحتج له بقول الشاعر:
أتهجر ليلى للفراق حبيبها ... وما كان
«٨» نفسا بالفراق تطيب «٩»
(١) الكهف: ٨٥.
(٢) الكهف: ٨٩، ٩٢.
(٣) الصافّات: ١٠.
(٤) الكهف: ٨٦.
(٥) القارعة: ١٠، ١١.
(٦) الكهف: ٨٨.
(٧) يونس: ٦٤.
(٨) في الأصل: (وما كل نفسا) وهو تحريف.
(٩) في شرح المفصل لابن يعيش يروي البيت في صورة أخرى وهي: