فإن قيل: ما وجه الإدغام في قوله: (فيحلّ) والإظهار في قوله: (ومن يحلل)؟
فقل: إنما يكون الإدغام في متحرّكين، فسكن الأول لاجتماعهما، ثم يدغم. فإن كان الأول متحرّكا، والثاني ساكنا بطل الإدغام، فالأصل المدغم فيمن ضم (فيحلل) وفيمن كسر (فيحلل) فنقلت الحركة من اللام إلى الحاء وأسكنت اللام ثم أدغمت. فهذا فرقان ما بين المدغم والمظهر.
قوله تعالى: بِمَلْكِنا «١» يقرأ بكسر الميم وضمّها، وفتحها. فالحجة لمن كسر:
أنه أراد: اسم الشيء المملوك كقولك: هذا الغلام ملكي، وهذه الجارية ملك يميني.
والحجة لمن ضم: أنه أراد بسلطاننا. ودليله قوله تعالى: لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ «٢» يريد:
السّلطان. والحجة لمن فتح: أنه أراد: المصدر من قولهم: ملك يملك ملكا.
قوله تعالى: وَلكِنَّا حُمِّلْنا «٣» يقرأ بالتخفيف والتشديد. فالحجة لمن خفف: أنه أرادهم بالفعل، وجعل النون والألف المتصلين به في موضع رفع «٤». والحجة لمن شدد:
أنه جعل الفعل لما لم يسمّ فاعله، ودلّ عليه بضم أوله وكان أصله ولكنّا حملنا (السامريّ)، فلما خذل الفاعل أقيم المفعول مقامه، فرفع، لأن الفعل الذي كان حديثا عن الفاعل صار عن المفعول فارتفع به.
قوله تعالى: أَلَّا تَتَّبِعَنِ «٥». يقرأ بإثبات الياء وصلا ووقفا على الأصل، وبإثباتها وصلا وحذفها درجا اتّباعا للخط في الوصل، والأصل في الدّرج، وبحذفها وصلا ووقفا اجتزاء بالكسرة منها.
قوله تعالى: يا ابن أم «٦» يقرأ بكسر الميم وفتحها. فالحجة لمن كسر: أنه أراد:
يا ابن أمي، فحذف الياء اجتزاء بالكسرة منها، والوجه إثباتها، لأن هذه الياء إنما تحذف في النداء المضاف إليك، إذا قلت: يا غلامي، لأنها وقعت موقع التنوين، والتنوين لا
يثبت في النداء.
(١) طه: ٨٧.
(٢) غافر: ١٦.
(٣) طه،: ٨٧.
(٤) على أنه فاعل.
(٥) طه: ٩٣.
(٦) طه: ٩٤.