فَقَدْ جاءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ «١». والحجة لمن قرأه بالجمع أنه وجده مكتوبا في السّواد بالتاء فأخذ بما وجده في الخط.
وفرق بينهما بعض أهل النظر بفرقان مستحسن: فقال من وحّد، أراد: الرسول عليه السلام ودليله: قوله تعالى: حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ «٢». ومن جمع أراد:
القرآن، ودليله: قوله تعالى: وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ «٣».
قوله تعالى: وَمَكْرَ السَّيِّئِ «٤» أجمع القراء فيه على كسر الياء وخفض الهمزة إلّا ما قرأه (حمزة) بوقف الهمزة كالجزم في الفعل، وإنما فعل ذلك تخفيفا للحرف لاجتماع الكسرات وتواليها مع الهمزة، كما خفّف (أبو عمرو) في قوله: بارِئِكُمْ «٥».
فإن قيل: فهلّا فعل في الثاني «٦» كما فعل في الأول؟ فقل: لم تتوال الكسرات في الثاني، كما توالت في الأوّل، لأنه لما انضمت الهمزة للرفع زال الاستثقال، فأتى به على أصل ما أوجبه الإعراب له من الرفع. فاعرف حجته في ذلك فقد نسب إلى الوهم.
ومن سورة يس
قوله تعالى: يس وَالْقُرْآنِ «٧». يقرأ بإدغام النون في الواو وإظهارها. فالحجة لمن أدغم: أنه أتى به على الأصل. والحجة لمن أظهر: أن حروف التهجي ليست كغيرها لأنها ينوى بها الوقف على كلّ حرف منها، فكأنه بذلك منفرد مما بعده.
فإن قيل: فيلزم من أدغم النون هاهنا في الواو أن يدغم في قوله ن وَالْقَلَمِ «٨» فقل:
هذا لا يلزم، لأن الياء «٩» أخفّ من الواو «١٠» وأسهل في اللفظ. وقد ذكرت الإمالة والتفخيم فيما تقدم «١١».
قوله تعالى: تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ «١٢». يقرأ برفع اللّام ونصبها. فالحجة لمن رفع:
(١) الأنعام: ١٥٧.
(٢) البيّنة: ١، ٢.
(٣) البقرة: ١٨٥.
(٤) فاطر: ٤٣.
(٥) البقرة: ٥٤.
(٦) أي في «بارئكم».
(٧) يس: ١، ٢.
(٨) القلم: ١.
(٩) أي: الياء في (سين) من (يس).
(١٠) أخف من الواو في (نون)
(١١) انظر: ٢٣٤ في أول سورة مريم.
(١٢) يس: ٥.