فاليوم أشرب غير مستحقب ... إثما من الله ولا واغل
«١» أراد: «أشرب» فأسكن الباء تخفيفا.
وحكى سيبويه «٢» عن هارون «٣» (بارئكم) باختلاس الهمزة والحركة فيما رواه (اليزيدي) «٤» عنه. بالإسكان، لأن أبا عمرو كان يميل إلى التخفيف فيرى من سمعه يختلس بسرعة أنه أسكن.
وقرأ الباقون بالإشباع، والحركة. والحجّة لهم: أنهم أتوا بالكلمة على أصل ما وجب لها.
قوله تعالى: أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً «٥»، وَأَرِنا مَناسِكَنا «٦»، وما شاكله. يقرأ بكسر الراء وإسكانها. فالحجّة لمن كسر: أنه يقول: الأصل في هذا الفعل (أرإينا) على وزن «أكرمنا» فنقلت كسرة الهمزة إلى الراء، وحذفت الهمزة تخفيفا للكلمة، وسقطت الياء للأمر.
ولمن أسكن الراء حجّتان: إحداهما: أنه أسكنها، والأصل كسرها تخفيفا كما قالوا في فخذ: فخذ. والثانية: أنه بقّى الراء على سكونها وحذف الهمزة بحركتها ولم ينقلها.
فأمّا ما روي عن أبي عمرو من إمالة قوله: فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ «٧»، وما شاكله فغلط
(١) الخصائص ١: ٧٤، ٣: ٩٦. «الموشح»: ص: ١٥٠ «رسالة الغفران» تحقيق بنت الشاطئ: ٢٩٠، ٣٦٨، «الدرر اللوامع» ١: ٣٢، «مجلة المجمع العلمي العربي» م ١٥ ج ٣: ١١٨، «الخزانة» للبغدادي ٣: ٥٣٠، شرح، المفصل» لابن يعيش ١: ٤٨، «الكتاب» لسيبويه: ٢: ٢٩٧.
(٢) عمرو بن عثمان بن قنبر إمام البصريين، وكنيته أبو بشر، ويقال أبو الحسن، نشأ بالبصرة، وأخذ عن الخليل، ويونس، وأبي الخطاب الأخفش، وعيسى بن عمر. وقد اختلف في تاريخ وفاته، فقيل: توفي سنة ثمانين ومائة.
وقيل سنة إحدى وستين، وقيل سنة ثمان وثمانين، وقال ابن الجوزي: مات «بساوة» سنة أربع وتسعين (البغية:
٣٦٦).
(٣) هارون بن موسى القارئ الأعور النحوي، صاحب القرآن والعربية ضبط النحو وحفظه، وهو أول من تتبع وجوه القرآن وألّفها وتتبّع الشاذ منها، وبحث على إسناده. ومات في حدود السبعين ومائة (البغية: ٤٠٦).
(٤) انظر: ٧٧
(٥) النساء: ١٥٣ (خالف بذكر هذه الآية في سورة البقرة منهجه وترتيبه)
(٦) البقرة: ١٢٨
(٧) الأنعام: ٧٧