فقلبوا من الكسرة فتحة، ومن الياء ألفا فصار: خطاءا بثلاث ألفات، فكرهوا الجمع من ثلاث صور، فقلبوا من الألف الوسطى ياء فصار: «خطايا».
وأدغم (أبو عمرو) وحده الرّاء في اللام من (يغفر لكم) وما شاكله في القرآن، وهو ضعيف عند البصريين. وقد روى عنه الإظهار. والحجة له في ذلك: أنه لما كانت تدغم في الراء كقوله: قُلْ رَبِّ «١»، بَلْ رانَ «٢» كانت الراء بهذه المثابة تدغم في اللام.
قوله تعالى: وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ «٣» يقرأ بكسر الهاء والميم، وبضمّهما، وبكسر الهاء وضم الميم في كل موضع استقبلتهما فيه ألف ولام. فالحجة لمن كسرهما: أنه كسر الهاء لمجاورة الياء، وكسر الميم لالتقاء الساكنين. والحجة لمن ضمّهما: أنه لما ضم الهاء على أصل ما كانت عليه حرّك الميم أيضا بالضمّ على الأصل، لأنه كان (همو) قبل دخول حرف الجر عليه. والحجة لمن كسر الهاء، مجاورة الياء. وضمّ الميم، لأنه لم يجد بدّا من حركتها، فحرّكها بما قد كان في الأصل لها.
فإن قيل: فلم وافق (الكسائي) (حمزة) هاهنا وخالفه في قوله: أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ «٤»؟
فقل: لما كانت الميم ساكنة كره الخروج من ياء إلى ضمة فكسر الهاء لمجاورة الياء هناك وبقّى الميم على سكونها ولمّا لم يجد هاهنا بدّا من حركة الميم لالتقاء الساكنين- فلو ترك الهاء على كسرها لمجاورة الياء لخرج من كسر إلى ضم- ردّ الهاء إلى أصلها وحرّك الميم بالضم لالتقاء الساكنين.
قوله تعالى: وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ «٥». يقرأ بالهمز وتركه، وكذلك «النبوّة» و «الأنبياء».
فالحجّة لمن همز: أنه أخذه من قوله: «أنبأ بالحق» إذا أخبر به، ومنه: أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ «٦». والحجّة لمن ترك من ثلاثة أوجه: أولها. أن الهمز مستثقل في كلامهم، والدليل عليه قوله صلى الله عليه وسلم: «لست نبيء الله» «٧» كأنه كره الهمز لأن قريشا
(١) المؤمنون: ٩٣.
(٢) «المطففين»: ١٤
(٣) البقرة: ٦١.
(٤) فاتحة الكتاب: ٧
(٥) البقرة: ٦١
(٦) البقرة: ٣١.
(٧) انظر: (اللسان: مادة: نبأ) وانظر: (الفائق في غريب الحديث للزمخشري: ٣: ٦٢).