وقد يكون قوله: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ سؤالا لأن يلطف «١» لهم بالتثبيت على الإيمان وطرق الهدى والدين فلا يكونوا كمن وصف بقوله: وَضَلُّوا عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ المائدة/ ٧٧، وقوله: وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ الممتحنة/ ١.
ويقوي ذلك قوله: وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ الأنعام/ ١٥٣، وقوله:
وَآتَيْناهُمَا الْكِتابَ الْمُسْتَبِينَ وَهَدَيْناهُمَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ الصافات/ ١١٧، ١١٨.
ويقوي الوجه الأوّل قوله: وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمالَهُمْ، سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بالَهُمْ محمد/ ٤، ٥، فهذا على الدلالة إلى طريق الجنة «٢» والثواب.
فأمّا قوله: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمانِهِمْ «٣» يونس/ ٩ فإنّه يكون مثل قوله: سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بالَهُمْ بدلالة اتصال الحال به، وهو قوله: تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ، ويكون الظرف على هذا متعلقا بيهديهم. ويجوز أن يكون يهديهم في دينهم كقوله:
وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً محمد/ ١٧، ويكون الحال فيه كقوله: هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ «٤» المائدة/ ٩٥. وكما أجاز سيبويه
(١) إشارة إلى مذهب أهل الاعتزال في القول باللطف.
(٢) في (ط): إلى طرق الجنة.
(٣) بعد ذلك: «تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ».
(٤) أي فتكون جملة تجري من تحتها إلخ حالا منتظرة. أي يتحقق وقوعها