المعنى فقلت: سواء عليهم الإنذار وتركه كان (سواء) خبر ابتداء مقدّما، فهلا قلت فيها ذلك أيضا قبل تقدير الكلام بالمعنى؟.
فالقول في هذا أن (سواء) يرتفع «١» حيث ذكرنا بالابتداء، وإن كان في قوله: «٢» سواء عليهم الإنذار وتركه يرتفع بأنّه خبر مقدم. وذلك أنه لا يخلو في قولك: سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ البقرة/ ٦ من أن يرتفع بأنه مبتدأ أو خبر مبتدأ.
فإن رفعته بأنه خبر لم يجز، لأنّه ليس في الكلام مخبر عنه، فإذا لم يكن مخبر عنه بطل أن يكون خبرا، لأنّ الخبر إنّما يكون عن مخبر عنه. فإذا فسد ذلك ثبت أنّه مبتدأ.
وأيضا فإنّه لا يجوز أن يكون خبرا، لأنّه قبل الاستفهام، وما قبل الاستفهام لا يكون داخلا في حيّز الاستفهام، فلا يجوز إذن أن يكون الخبر عمّا في الاستفهام متقدّما على الاستفهام.
فإن قلت: كيف جاز أن تكون الجملة التي ذكرتها من «٣» الاستفهام خبرا عن المبتدأ وليست هي هو ولا له ذكر فيها؟
فالقول في ذلك: أنّه كما جاز أن يحمل المبتدأ على المعنى فيجعل خبره ما لا يكون إيّاه في المعنى، ولا له فيه ذكر، كذلك جاز في الخبر لأنّ كلّ واحد منها يحتاج أن يكون
صاحبه في المعنى. فما جاز في أحدهما من خلاف ذلك جاز في الآخر، وذلك قولهم: «تسمع بالمعيدي خير من أن
(١) في (ط): مرتفع.
(٢) في (ط): قولهم.
(٣) في (ط): في.