- كما سمّاها الذهبي- لذكره وبيّن حاله، وهو الذي قطع على نفسه بيان ذلك في مقدمة كتابه ميزان الاعتدال الذي ترجم فيه أبا علي الفارسي. ولكننا لا نرى عند الذهبي وغيره من نعته بنعت الشيعي. مع حرصهم على بيان مذهب وعقيدة المترجم إن لم يكن من أهل السنّة والجماعة. وخاصة إذا علمنا أن أبا علي الفارسي كان عنده جزء من الحديث عن معدان عن ابن راهويه، وتفرّد بهذا الجزء. فلو كان صاحب بدعة لما سكتوا عنه، ولبينوا حاله.
والذي ساقني إلى الحديث عن أبي علي هذا المساق هو أن الدكتور شلبي صنع كتابا درس فيه أبا علي الفارسي سمّاه: «من أعيان الشيعة أبو علي الفارسي». جعله معتزلي الاعتقاد ثم جاء بأدلة حشدها لذلك الغرض. ثم خلص منها إلى تقرير شيعية أبي علي الفارسي، وساق في ذلك أدلة أوهى من بيت العنكبوت، أجد نفسي مضطرا لسردها حتى لا نكون في أحكامنا ظالمين. قال الدكتور شلبي بعد أن ذكر أدلة عامة لما ذهب إليه: فإذا تلمسنا أدلّة خاصة على تشيّع أبي علىّ رأينا ذلك:
أولا: في شيوع التشيّع ب «فسا» مولد أبي علي وفي ذلك الوقت المبكر من حياته ...
ثانيا: في انعقاد الصلات بين أبي علي وتلاميذه من بعده، وشيعيين، وهذه الصلات فيما أرى دليل على ما كان عند أبي علي من التشيّع، ومن هذه الصلات:
أ- ما كان بينه وبين الصاحب بن عباد من مواصلة ومراسلة.
ب- وجود نسخة من الشيرازيات عتيقة عادية عليها خط أبي علي في خزانة كتب الأمير علي (رضي الله عنه) بنجف، فالحرص على هذه النسخة التي عليها خط أبي علي في خزائن الشيعة، دليل على هذه الصلة بين أبي علي والشيعيين.
ج- وابن جنّي- تلميذ أبي علي الملازم له- ينزل في دار الشريف أبي علي الجواني نقيب العلويين، وكان الناس يترددون عليه ويسألونه.
د- ويصاحب ابن جنّي الرضي والمرتضى العلويين، ويهتم ابن جنّي