أوتيه من الحكمة، كما أنّ نسخ ما نسخ «١» بآية أو بسنّة لا يكون سلبا للنبي صلّى الله عليه وآله وسلّم «٢» شيئاً أوتيه من الحكمة.
ومما يؤكد ذلك أن سعيداً روى «٣» عن قتادة أنه قال:
كانت الآية تنسخ بالآية وينسي الله نبيّه من ذلك ما يشاء. وقد قدمنا أن ننسها لا يجوز أن يكون منقولًا من نسي الذي معناه ترك.
وقول أبي إسحاق وفي قوله: فَلا تَنْسى إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ الأعلى/ ٦، ٧ قولان يبطلان هذا القول الذي حكيناه عن بعض أهل اللغة، أحدهما: فلا تنسى، أي: فلست تترك، إلا ما شاء الله أن تترك. ويجوز أن يكون إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ أن يلحق بالبشريّة ثم يذكر بعد.
قال أبو علي: فالقول فيه أن قوله: سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى إن حمل فيه لا تنسى على النسيان الذي يقابل الذكر أشبه من أن يحمل على ما يراد به الترك، وذلك أن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم «٤» كان إذا نزل عليه القرآن أسرع القراءة وأكثرها، مخافة النسيان فقال «٥»:
سنقرئك فلا تنسى إلا ما شاء الله أن تنساه، لرفعه ذلك بالنسيان، كرفعه إياه بالنسخ بآية أو سنّة. ويؤكد ذلك قوله:
لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ، إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ، فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ القيامة/ ١٦ - ١٧ وقوله: وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ طه/ ١١٤ فحمل قوله: فلا
(١) في (ط): ما ينسخ الله.
(٢) سقطت من (ط).
(٣) في (م): رواه.
(٤) سقطت من (ط).
(٥) في (ط): فقال تعالى.