والآخر: عَنْ كقولك: سل عن زيد.
فإذا تعدى إلى مفعولين كان على ثلاثة أضرب: أحدها:
أن يكون بمنزلة أعطيت، وذلك كقوله:
سألت زيداً بعد بكر خفّا «١» فمعنى هذا: استعطيته، أي: سألته أن يفعل ذلك.
والآخر: أن يكون بمنزلة: اخترت الرجال زيداً، وذلك قوله:
وَلا يَسْئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً «٢» المعارج/ ١٠ فالمعنى هنا: ولا يسأل حميم عن حميمه، لذهوله عنه واشتغاله بنفسه، كما قال:
لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ عبس/ ٣٧. فهذا على هذه القراءة كقوله: وَسْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ حاضِرَةَ الْبَحْرِ الأعراف/ ١٦٢.
والثالث: أن يتعدّى إلى مفعولين، فيقع موقع المفعول الثاني منهما استفهام، وذلك كقوله: سَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ كَمْ آتَيْناهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ البقرة/ ٢١١ وقوله: وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا أَجَعَلْنا مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ الزخرف/ ٤٥.
فأما قول الأخطل «٣»:
(١) سبق قريباً برواية «عمراً» بدل زيداً.
(٢) «يسأل» بالبناء للمفعول وسيأتي الكلام عنها في موضعه في الجزء الرابع.
(٣) عجز بيت وصدره:
دع المغمّر لا تسأل بمصرعه أراد بالمغمّر: القعقاع بن شور الذّهلي- والمغمّر: المجهّل، أخذ من الغمر وانظر ديوانه، ١/ ١٥٧.