تُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الصف/ ١١، وهذا النحو، مثل ذلك، ويؤكد ذلك أن ما بعده على لفظ الخبر، وهو قوله:
وَعَلَى الْوارِثِ مِثْلُ ذلِكَ البقرة/ ٢٣٣، والمعنى: ينبغي ذلك، فلما وقع موقعه صار في لفظه.
ومن فتح جعله أمراً، وفتح الراء لتكون حركته موافقة لما قبلها وهو الألف، وعلى هذا قول سيبويه «١»: لو سمّيت رجلا بإسحارّ «٢»، فرخّمته على قول من قال: يا حار، لقلت: يا إسحارّ، ففتحت من أجل الألف التي قبلها، وعلى هذا حرّك بالفتح قول الشاعر «٣»:
وذي ولد لم يلده أبوان حرّك بالفتح لالتقاء الساكنين، لأن أقرب الحركات إليه الفتحة.
فأما قوله وَلا يُضَارَّ كاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ البقرة/ ٢٨٢ فيحتمل وجهين:
أحدهما: أن يكون الفعل مسنداً إلى الفاعل، كأنه: لا يضارر كاتب ولا شهيد بتقاعده عن الكتاب والشهادة.
والآخر: لا يضارر «٤» أي: لا يشغل عن ضيعته ومعاشه باستدعاء شهادته وكتابته، وهو مفتوح لأن قبله أمراً، وليس الذي قبله خبراً، كما أنّ قبل الآية الأخرى خبراً، فالفتح للجزم بالنهي أحسن.
(١) سيبويه ١/ ٣٤٠.
(٢) الإسحارّ: بكسر الهمزة وفتحها بقل يسمن عليه الإبل واحدته إسحارة (اللسان: سحر).
(٣) سبق النظر ١/ ٦٦.
(٤) في معاني القرآن ١/ ١٥٠ أن عمر بن الخطاب قرأ: ولا يضارر كاتب ولا شهيد.