وكذلك قوله: قبقبى أراد قبقب، ثم أشبع فصار قبقبا، وعلى هذا التخريج يسقط قول سيبويه عن يونس فى قوله محتجا عليه بقول الشاعر:
دعوت لما نابنى مسورا … فلبّى فلبّى يدى مسور
قال سيبويه: لو كان لبيك اسما واحدا كما يقول يونس، وإنما قلب فى لبيك لاتصاله بالمضمر كما يقلب فى إليك وعليك-لما قال فلبّى يدى مسور، ولقال فلبّى يدى مسور على حد قولك: على يدى فلان، وإلى يدى جعفر، فثبات الياء مع المظهر يدلك على أنه لم يقلب فى لبيك على حد ما قلب فى إليك وعليك، وفى ذلك رد لقول يونس: إن لبيك مفرد كإليك وعليك.
قال أبو علىّ: يمكن يونس أن يقول: إنه أجرى الوصل مجرى الوقف، فكما تقول فى الوقف: عصى وفتى كذلك قال: فلبّى، ثم وصل على ذلك، هذا ما قاله أبو على.
وعليه أن يقال: كيف يحسن تقدير الوقف على المضاف دون المضاف إليه؟.
وجوابه: أن ذلك قد جاء؛ ألا ترى إلى ما أنشده أبو زيد من قول الشاعر:
ضخم نجارى طيّب عنصرّى …
أراد عنصرى فثقّل الراء لنية الوقف، ثم أطلق بالإضافة من بعد.
نعم، وإذا جاز هذا التوهم مع أن المضاف إليه مضمر، والمضمر المجرور لا يجوز تصور انفصاله فأن يجوز ذلك مع المظهر الذى هو «يدى» أولى وأجدر، من حيث كان المظهر أقوى من المضمر.
ومثله قوله:
يا ليتها قد خرجت من فمّه …
أراد من فمه، ثم نوى الوقف على الميم فثقلها على حد قوله فى الوقف: هذا خالدّ، وهو يجعلّ، ثم أضاف على ذلك فهذا كقولهم: عنصرى.