وكنت أذلّ من وتد بقاع … يشجّج رأسه بالفهرواجى
ولم يقل موجّئ، فكأنه قال: يشجّج رأسه بالفهر شاج؛ لأن واجئ فاعل كشاج.
وأنشد أبو الحسن:
أنت الفداء لقبلة هدّمتها … ونقرتها بيديك كلّ منقّر
كأنه قال: ونقرتها: لأن قوله: كل منقّر عليه جاء. وبعده قوله:
فطار كلّ مطيّر
فهذا على أنه كأنه قال: فطيّر كلّ مطيّر، ولما فى الفعل من معنى المصدر الدال على الجنس ما لم يجز تثنيته ولا جمعه؛ لاستحالة كل واحد من التثنية والجمع فى الجنس.
فأما التثنية والجمع فى نحو قولك: قمت قيامين، وانطلقت انطلاقين، وعند القوم أفهام، وعليهم أشغال. فلم يثن شئ من ذلك، ولا يجمع ولم يرد وهو مراد به الجنس؛ لكن المراد به النوع. وقد شرحنا ذلك فى غير موضع من كتبنا، وما خرج من التعليق عنا.
***
{وَإِذْ فَرَقْنا بِكُمُ الْبَحْرَ} (٥٠) ومن ذلك قراءة الزهرى أيضا: «وإذ فرّقنا بكم البحر»، مشددة.
قال أبو الفتح: معنى فرّقنا أى جعلناه فرقا، ومعنى فرقنا: شققنا بكم البحر، وفرّقنا أشد تبعيضا من فرقنا، وقوله تعالى: {فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ}. يحتمل أن يكون فرقين، ويحتمل أن يكون أفراقا؛ ألا ترى أنك تقول: قسمت الثوب قسمين، فكان كل قسم واحد منهما عشرين ذراعا، كما تقول ذلك وهو جماعة أقسام.
ومن ذلك فرقت شعره أى: جعلته فرقين، وفرّقت شعره أى: جعلته فرقا. وجاز هنا لفظ الجمع؛ لأن كل رجل منهم قد خرق من البحر وفرق خرقا وفرقا.