استقال من الياء. ولا يعرف فى اللغة افتعلت من هذا اللفظ فى هذا المعنى ولا غيره، وإنما هو استفعلت استقلت.
وقد يجوز أن يكون: قتادة عرف هذا الحرف على هذا المثال، وعلى أنه لو كان بمعنى استقلت لوجب أن يستعمل باللام، فيقال: استقلت لنفسى أو على نفسى، كما يقال:
استعطفت فلانا لنفسى وعلى نفسى، وليس معناه أن يسأل نفسه أن تقيله. وإنما يريد:
أنه يسأل ربه عز وجل أن يعفو عن نفسه. وكان له حرّى-لو كان على ذاك-أن يقال: فاقتالوا لأنفسكم؛ أى: استقيلوا لها، واستصفحوا عنها.
فأما اقتال متعديا فإنما هو فى معنى ما يجتره الإنسان لنفسه من خير أو شر ويقترحه، وهو من القول. قال:
بما اقتال من حكم علىّ طبيب …
أى: بما أراده واقترحه واستامه، وليس معنى هذا معنى الآية، بل هو بضده؛ لأنه بمعنى استلينوا واستعطفوا. هذا ما يحضره طريق اللغة، ومذهب التصريف والصنعة. إلا أن قتادة ينبغى أن يحسن الظنّ به؛ فيقال: إنه لم يورد ذلك إلا بحجة عنده فيه من رواية أو دراية.
***
{لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصّاعِقَةُ} (٥٥) ومن ذلك قراءة سهل بن شعيب النّهمى: «جهرة» «وزهرة»، كل شئ فى القرآن محرّكا.
قال أبو الفتح: مذهب أصحابنا فى كل شئ من هذا النحو مما فيه حرف حلقى ساكن بعد حرف مفتوح: أنه لا يحرك إلا على أنه لغة فيه، كالزّهرة والزهرة، والنّهر والنهر، والشّعر والشعر، فهذه لغات عندهم كالنشز والنشز، والحلب والحلب، والطّرد والطرد.