قال أبو الفتح: أما قراءة الحسن وقتادة: «بين المر»، بفتح الميم وخفة الراء من غير همز فواضح الطريق؛ وذلك أنه على التخفيف القياسى، كقولك فى الخبء: هذا الخب، ورأيت الخب ومررت بالخب، تحذف الهمزة وتلقى حركتها على الباء قبلها.
وتقول فى الجزء: هذا الجز، ورأيت الجز، ومررت بالجز. وعليه القراءة: «الّذى يخرج الخب فى السموات والأرض».
وأما قراءة الزهرى «المرّ» بتشديد الراء فقياسه: أن يكون أراد تخفيف المرء على قراءة الحسن وقتادة، إلا أنه نوى الوقف بعد التخفيف، فصار «المر» ثم ثقّل للوقف على قول من قال: هذا خالدّ، وهو يجعلّ، ومررت بفرجّ، ثم أجرى الوصل مجرى الوقف فأقر التثقيل بحاله كما جاء عنهم قوله:
ببازل وجناء أو عيهلّ … كأن مهواها على الكلكلّ
يريد: العيهلّ، والكلكل، وكبيت الكتاب:
ضخما يحبّ الخلق الأضخمّا …
فيمن فتح الهمزة، يريد الأضخم فثقل ثم أطلق.
وفى هذا شذوذان: أحدهما التثقيل فى الوقت، والآخر إجراء الوصل مجرى الوقف؛ لأنه من باب ضرورة الشعر.
وأما قراءة ابن أبى إسحاق: المرء بضم الميم والهمز فلغة فيه، وكذلك من قرأ: المرء، بكسر الميم. ومنهم من يضم الميم فى الرفع ويفتحها فى النصب، ويكسرها فى الجر فيقول: هذا المرء، ورأيت المرء، ومررت بالمرء. وسبب صنعة هذه اللغة: أنه قد ألف الإتباع فى هذا الاسم فى نحو قولك: هذا امرؤ، ورأيت امرأ ومررت بامرئ، فيتبع