{أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ} (٢٤٦) ومن ذلك قراءة أبى عبد الرحمن السّلمى: «ألم تر إلى الملإ» ساكنة الراء.
قال أبو الفتح: هذا لعمرى هو أصل الحرف: رأى يرأى كرعى يرعى، إلا أن أكثر لغات العرب فيه تخفيف همزته: بحذفها وإلقاء حركتها على الراء قبلها على عبرة التخفيف فى نحو ذلك، وصار حرف المضارعة كأنه بدل من الهمزة، وهو قولهم: أنت ترى وهو يرى ونحن نرى، وكذلك أفعل منه، كقول الله سبحانه: {لِتَحْكُمَ بَيْنَ النّاسِ بِما أَراكَ اللهُ} وأصله أرآك الله. وحكاها صاحب الكتاب عن أبى الخطاب. ثم إنه قد جامع هذا تحقيق هذه الهمزة وإخراجها على أصلها، وذلك كقول سراقة البارقى:
أرى عينىّ ما لم ترأياه … كلانا عالم بالتّرّهات
فخفف أرى، وحقق ترأياه كقولك ترعياه، ورواه أبو الحسن ترياه على زحاف الوافر، وأصله «ترأياه» على أن مفاعلتن لحقها العصب بسكون لامها؛ فنقلت إلى مفاعى لن، ورواية أبى الحسن: «بما لم ت» مفاعيل، فصار الجزء بعد العصب إلى النقص.
وقرأت على أبى علىّ فى نوادر أبى زيد:
ألم ترء ما لاقيت والدهر أعصر … ومن يتملّ العيش يرء ويسمع
فأخرجه على أصله. وقرأت عليه عنه أيضا:
هل ترجعنّ ليال قد مضين لنا … والعيش منقلب إذ ذاك أفنانا
إذ نحن فى غرّة الدنيا وبهجتها … والدار جامعة أزمان أزمانا
ثم استمرّ بها شيحان مبتجح … بالبين عنك بما يرآك شنآنا
وقال آخر، وقرأته على أبى بكر محمد بن الحسن عن أحمد بن يحيى فيما أظن:
ألا تلك جارتنا بالغضا … تقول أترأينه لن يضيعا
وله نظائر مما خرج من هذا الأصل على أولية حاله.