يعله، وأصل هذا كله يأوده كيعوده، يفعله كيقتله ونعبده، ثم نقلت الضمة من الواو التى هى عين الفعل إلى الهمزة التى هى فاء فعله، كما نقلت فى يعود من الواو إلى العين فصارت «يئوده» كيعوده، ووزنه الآن يفعله. هكذا محصول لفظه، فإذا هو حذف الهمزة البتة-وهى فاء الفعل-بقى يوده فى وزن يعله، والفاء على ما مضى محذوفة.
وعلى أن هذا الحذف لا يقدم أحد عليه قياسا لنكارته وضيق العذر فى اقتباسه، اللهم أن يسمع شئ منه فيودّى على ما فيه، ويشرح حديثه بواجب مثله، ولا يحمل سواه على مثل حاله.
***
{وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطّاغُوتُ} (٢٥٧) ومن ذلك ما رواه جويرية بن بشير، قال: سمعت الحسن قرأها: «أولياؤهم الطّواغيت».
قال أبو الفتح: ينبغى أن يفهم هذا الموضع، فإن فيه صنعة، وذلك أن الطاغوت وزنها فى الأصل فعلوت. وهى مصدر بمنزلة الرغبوت والرهبوت والرحموت. وقد يقال فيها:
الرّغبوتى والرهبوتى والرحموتى. ويدل على أنها فى الأصل مصدر وقوع الطاغوت على الواحد والجماعة بلفظ واحد، فجرى لذلك مجرى قوم عدل ورضا، ورجل عدل ورضا، ورجلان عدل ورضا. فأما أصلها فهو طغيوت؛ لأنها من الياء، يدل على ذلك قوله عز وجل: {فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ} هذا أقوى اللغة فيها؛ لأن التنزيل ورد به.
وروينا عن قطرب وغيره فيها الواو، طغا يطغو طغوّا. وقد يجوز على هذا أن يكون أصله: طغووت، كفعلوت من غزوت: غزووت. وأنا آنس بالواو فى هذه اللفظة لما أذكره لك بعد.
ثم إن اللام قدمت إلى موضع العين، فصارت بعد القلب طيغوت أو طوغوت، فلما تحركت الياء أو الواو وانفتح ما قبلها قلبت فى اللفظ ألفا؛ فصارت طاغوت كما ترى.
ووزنها الآن بعد القلب فلعوت. ومثالها من ضربت: ضربوت، ومن قتلت قتلوت. هذا إلى هنا بلا خلاف.