فهذا هو الوجه المختار فى رفع الشركاء، وشاهده فى المعنى قراءة الكافة:
{وَكَذلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكاؤُهُمْ}. ألا ترى أن الشركاء هم المزيّنون لا محالة؟.
وأما الوجه الآخر: فأجازه قطرب، وهو أن يكون الشركاء ارتفعوا فى صلة المصدر الذى هو القتل بفعلهم، وكأنه «وكذلك زيّن لكثير من المشركين أن قتل شركاؤهم أولادهم» وشبّهه بقوله: حبب إلى ركوب الفرس زيد، أى أن ركب الفرس زيد. هذا- لعمرى-ونحوه صحيح المعنى، فأما الآية فليست منه، بدلالة القراءة المجتمع عليها، وأن المعنى أن المزيّن هم الشركاء، وأن القاتل هم المشركون، وهذا واضح.
*** {وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ} (١٣٧) ومن ذلك قراءة إبراهيم: «وليلبسوا عليهم دينهم»، بفتح الباء.
قال أبو الفتح: المشهور فى هذا لبست الثوب ألبسه، ولبست عليهم الأمر ألبسه.
فإما أن تكون هذه لغة لم تتأدّ إلينا: لبست عليهم الأمر ألبسه، فى معنى لبسته ألبسه.
وإما أن تكون غير هذا، وهو أن يراد به شدة المخالطة لهم فى دينهم، فالاعتراض فيه بينه وبينهم ليشكّوا فيه ولا يتمكنوا من التفرد به، كما أن لابس الثوب شديد المماسة له والالتباس به، فيقول على هذا: لبست إليك طاعتك، واشتملت الثقة بك، أى خالطت هذه الأشياء وماسستها؛ تحققا بها وملابسة لها، وعليه قول القلاخ السعدى:
نكسوهم مخشونة لباسا
يعنى السيوف. وقد مر به لفظا البتة شاعرنا فقال: