قال أبو الفتح: أما «فأجمعوا أمركم وشركاؤكم» بالرفع فرفعه على العطف على الضمير فى «أجمعوا»، وساغ عطفه عليه من غير توكيد للضمير فى «أجمعوا» من أجل طول الكلام بقوله: «أمركم». وعلى نحو من هذا يجوز أن تقول: قم إلى أخيك وأبو محمد، واذهب مع عبد الله وأبو بكر؛ فتعطف على الضمير من غير توكيد وإن كان مرفوعا ومتصلا لما ذكرنا من طول الكلام بالجار والمجرور. وإذا جاز قول الله تعالى:
{ما أَشْرَكْنا وَلا آباؤُنا} وأن نكتفى بطول الكلام ب «لا» وإن كانت بعد حرف العطف كان الاكتفاء من التوكيد بما هو أطول من «لا»، وهو أيضا قبل الواو، كما أن التوكيد لو ظهر لكان قبلها-أحرى.
وعلى ذلك فلو قال قائل: «قم وزيد» فعطف على الضمير المرفوع من غير توكيد كان أقبح من قولنا: «قمت وزيد»، وذلك أن المعطوف عليه فى «قم وزيد» ضمير لا لفظ له فهو أضعف من الضمير فى قمت؛ لأن له لفظا وهو التاء، و «قمت وزيد» أضعف من «قمنا وزيد» لأن «نا» من قمنا أتم لفظا من التاء فى قمت.
وعليه أيضا تعلم أن قمتما وزيد أشبه شيئا من قمنا وزيد؛ لأن «تما» من «قمتما» أتم لفظا من «نا» من قمنا. وكذلك أيضا قولك للنساء: ادخلنانّ وزيد أمثل من قولك:
دخلتنّ وزيد؛ لأن «نانّ» من ادخلنانّ أطول من «تنّ» من دخلتن.
فهذه مصارفة وإن خفيت ولطفت تؤثّر فى أنفس العارفين بها ما لا تخطر على أوهام الساهين عنها.
وكذلك لو قلت: اضربنا «نّه» وزيد لكان أمثل من ادخلنانّ وزيد، لأن «نانّه» ستة أحرف «ونانّ» أربعة أحرف، وكذلك اضربنانّهما وزيد، أمثل من اضربنانّه وزيد لأن «نانّهما» سبعة أحرف «ونانّه» ستة أحرف، وكذلك الزيدّين الثوبين اكسونانّهما هما- أمثل من قولك: الزيدين اكسونانّهما لأن «نانّهما هما» عشرة أحرف «ونانّهما» سبعة أحرف.
فهذا مبنى يعاد عليه، ويثنى أشباهه إليه. وجميعه من بعد ليس فى قوة التوكيد نحو قم أنت وزيد، و {اُسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ}؛ وذلك أن التوكيد وإن لم يكن فى طول هذه الفروق والفصول فإن فيه معنى ليس فيها، وهو تثبيته معنى الاسمية للمضمر