أى: أو أن أسوءك، فكأنه قال: أو مساءتى إياك، فكذلك هذه القراءة: لو أنّ لى بكم قوّة أو أويّا، أى: أو أن آوى إلى ركن شديد، وهذا واضح.
***
{يَجْرِمَنَّكُمْ} (٨٩) ومن ذلك قراءة يحيى والأعمش: «يجرمنّكم».
قال أبو الفتح: جرم الرجل ذنبا إذا كسب الجرم، ثم ينقل فيقال: أجرمته ذنبا إذا كسبته إياه، فعليه جاء: «لا يجرمنّكم» أى: لا يكسبنّكم بغض القوم ترك العدل، كما يدعو الإنسان الحفظة والغضب إلى ما يحوب فيه وينال من دينه.
***
{بَعِدَتْ ثَمُودُ} (٩٥) ومن ذلك قراءة السّلمىّ: «بعدت ثمود»، بضم العين.
قال أبو الفتح: أما بعد فيكون مع الخير والشر، تقول: بعد عن الشر، وبعد عن الخير، ومصدرها البعد. وأما بعد ففى الشر خاصة، يقال: بعد يبعد بعدا. ومنه قولهم: أبعده الله، فهو منقول من بعد؛ لأنه دعاء عليه، فهو من بعد الموضوعة للشر. فقراءة السّلمى هذه: «ألا بعدا لمدين كما بعدت ثمود» متفقة الفعل مع مصدره، وإنما السؤال عن قراءة الجماعة: {أَلا بُعْداً لِمَدْيَنَ كَما بَعِدَتْ ثَمُودُ}.
وطريق ذلك أن يكون البعد بمعنى اللعنة، فيكون أبعده الله فى معنى لعنه الله، ومنه قوله:
ذعرت به القطا ونفيت عنه … مقام الذئب كالرجل اللّعين
أى: مقام اللعين، أى: المبعد. وعلى كل حال فالإبعاد للشئ نقص له وابتذال منه، فقد يلتقى معنى بعد مع معنى بعد من هذا الموضع. ألا ترى أنهم إذا أدنوا شيئا من