كقولهم: بحثر ما فى القبور، أى بعثر. وضبعت الخيل، أى ضبحت، وهو يحنظى ويعنظى: إذا جاء بالكلام الفاحش، فعلى هذا يكون عتّى وحتّى، لكن الأخذ بالأكثر استعمالا. وهذا الآخر جائز وغير خطأ.
{إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً} (٣٦)
ومن ذلك قراءة ابن مسعود: «إنّى أرانى أعصر عنبا» (١).
قال أبو الفتح: هذه القراءة هى مراد قراءة الجماعة: {إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً،} وذلك أن المعصور حينئذ هو العنب، فسماه خمرا لما يصير إليه من بعد حكاية لحاله المستأنفة، كقول الآخر:
إذا ما مات ميت من تميم … فسرّك أن يعيش فجئ بزاد
أراد: إذا مات حىّ فصار ميتا كان كذا، أو فليكن كذا. وعليه قول الفرزدق (٢):
قتلت قتيلا لم ير الناس مثله … أقلّبه ذا تومتين مسوّرا
{فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً} (٤١)
ومن ذلك قراءة عكرمة والجحدرىّ: «فيسقى ربّه خمرا» (٣).
قال أبو الفتح: هذا فى الخير يضاهى فى الشر قوله: «فيصلب»؛ لأن تلك نعمة، وهى نقمة.
{وَاِدَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ} (٤٥)
ومن ذلك قراءة ابن عباس وابن عمر بخلاف وعكرمة ومجاهد بخلاف عنهما
(١) وقراءة أبى. انظر: (القرطبى ١٩٠/ ٩، الطبرى ١٢٧/ ١٢، الكشاف ٣١٩/ ٢، البحر المحيط ٣٠٨/ ٥).
(٢) لم أعثر عليه فى ديوانه.
(٣) انظر: (البحر المحيط ٣١١/ ٥).