{آمَنُوا}. وروينا عن ابن عباس أنها لغة وهبيل: فخذ من النّخع، قال:
ألم ييئس الأقوام أنى أنا ابنه … وإن كنت عن أرض العشيرة نائيا
وروينا لسحيم بن وثيل:
أقول لأهل الشّعب إذ يأسروننى … ألم تيئسوا أنى ابن فارس زهدم
أى: ألم تعلموا. ويشبه عندى أن يكون هذا راجعا أيضا إلى معنى اليأس؛ وذلك أن المتأمل للشئ المتطلب لعلمه ذاهب بفكره فى جهات تعرفه إياه، فإذا ثبت يقينه على شئ من أمره اعتقده وأضرب عما سواه، فلم ينصرف إليه كما ينصرف اليائس من الشئ عنه، ولا يلتفت إليه. وهذه اللغة هكذا طريق صنعتها وملاءمة أجزائها وضم نشرها وشتاتها، فإن لم تطبن لها وتلاق بين متهاجراتها بدّت فرقا، وكانت حريّة لو لاطفتها بالتعانق والالتقاء، فرفقا رفقا، لا عنفا ولا خرقا.
***
{وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ} (٤٣)
ومن ذلك قراءة النبى صلّى الله عليه وسلّم وعلى وابن عباس وأبى رضى الله عنهم وسعيد بن جبير وعكرمة ومجاهد-بخلاف-والحسن-بخلاف-وعبد الرحمن بن أبى بكرة وابن أبى إسحاق والضّحّاك والحكم بن عتيبة، ورويت عن الأعمش: «ومن عنده علم الكتاب» (١)، وقرأ: «ومن عنده» بكسر الميم والدال والهاء «علم الكتاب»، بضم العين، وفتح الميم (٢) -على وابن السميفع والحسن. وقراءة الجماعة: {وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ}.
قال أبو الفتح: من قرأ: «ومن عنده علم الكتاب» فتقديره ومعناه: من فضله ولطفه علم الكتاب، ومن قرأ: «ومن عنده علم الكتاب» فمعناه معنى الأول، إلا أن تقدير إعرابه مخالف له، لأن من قال: «ومن عنده علم الكتاب» ف «من» متعلقة بمحذوف،
(١) وقراءة المطوعى، وسالم بن عبد الله بن عمر. انظر: (الطبرى ١١٩/ ١٣، الكشاف ٣٦٤/ ٢، القرطبى ٣٣٦/ ٩، الفراء ٦٧/ ٢، البحر المحيط ٤٠٢/ ٥، الرازى ٦٩/ ١٩، الإتحاف ٢٧٠، العكبرى ٣٦/ ٢).
(٢) وقراءة ابن عباس، وإسماعيل بن محمد اليمانى، ومجاهد، وابن جبير. انظر: (الطبرى ١١٩/ ١٣، الكشاف ٣٦٤/ ٢، القرطبى ٣٣٦/ ٩، الرازى ٧٠/ ١٩، البحر المحيط ٤٠٢/ ٥، الإتحاف ٢٧٠، العكبرى ٣٦/ ٢، التبيان ٢٦٨/ ٦).